Tawil des problèmes du Coran

Ibn Qutaybah d. 276 AH
12

Tawil des problèmes du Coran

تأويل مشكل القرآن

Chercheur

إبراهيم شمس الدين

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

ثم قال: فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ [النساء: ١٤٦] ولم يقل: فأولئك هم المؤمنون. ثم قال: وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء: ١٤٦] ولم يقل وسوف يؤتيهم الله، بغضا لهم، وإعراضا عنهم، وحيدا بالكلام عن ذكرهم. وقوله في المنافقين: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ [المنافقون: ٤] فدلّ على جبنهم، واستشرافهم لكل ناعر، ومرهج على الإسلام وأهله. وأخذه الشاعر- وأنّى له هذا الاختصار- فقال «١»: ولو أنّها عصفورة لحسبتها ... مسوّمة تدعو عبيدا وأزنما يقول: لو طارت عصفورة لحسبتها من جبنك خيلا تدعو هاتين القبيلتين. وقال الآخر «٢»: ما زلت تحسب كل شيء بعدهم ... خيلا تكرّ عليكم ورجالا وهذا في القرآن أكثر من أن نستقصيه. وقد قال قوم بقصور العلم وسوء النظر في قوله تعالى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ [الكهف: ١٧]: وما في هذا الكلام من الفائدة؟. وما في الشمس إذا مالت بالغداة والعشيّ عن الكهف من الخبر؟. ونحن نقول: وأيّ شيء أولى بأن يكون فائدة من هذا الخبر؟ وأيّ معنى ألطف مما أودع الله هذا الكلام؟. وإنما أراد ﷿: أن يعرّفنا لطفه للفتية، وحفظه إياهم في المهجع، واختياره لهم أصلح المواضع للرّقود، فأعلمنا أنه بوّأهم كهفا في مقنأة الجبل «٣»، مستقبلا بنات

(١) البيت من الطويل، وهو لجرير في ديوانه ص ٣٢٣، وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٦٢، وله أو للبعيث في حماسة البحتري ص ٢٦١، وللعوام بن شوذب الشيباني في العقد الفريد ٥/ ١٩٥، ولسان العرب (زنم)، والمعاني الكبير ص ٩٢٧، ومعجم الشعراء ص ٣٠٠، والمقاصد النحوية ٤/ ٤٦٧، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٧٣، وجمهرة اللغة ص ٨٢٨، والجنى الداني ص ٢٨١، وشرح الأشموني ٣/ ٦٠٣، ومغني اللبيب ١/ ٢٧٠. (٢) البيت من الكامل، وهو لجرير في ديوانه ص ٥٣، وشرح شواهد الشافعية ص ١٢٥، والعقد الفريد ٣/ ١٣٢، وكتاب الحيوان ٥/ ٢٤٠. (٣) مقنأة الجبل: الموضع الذي لا تصيبه الشمس.

1 / 14