Tawil des problèmes du Coran

Ibn Qutaybah d. 276 AH
11

Tawil des problèmes du Coran

تأويل مشكل القرآن

Chercheur

إبراهيم شمس الدين

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

بأرعن مثل الطّود تحسب أنهم ... وقوف لحاج والرّكاب تهملج وفي قوله جلّ ذكره: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ [البقرة: ١٧٩] يريد أن سافك الدّم إذا أقيد منه ارتدع من كان يهمّ بالقتل، فكان في القصاص له حياة وهو قتل. وأخذه الشاعر فقال «١»: أبلغ أبا مالك عنّي مغلغلة ... وفي العتاب حياة بين أقوام يريد أنهم إذا تعاتبوا أصلح ما بينهم العتاب فكفّوا عن القتل، فكان في ذلك حياة. وأخذه المتمثّلون فقالوا: «بعض القتل إحياء للجميع» «٢» . وقالوا: «القتل أقلّ للقتل» «٣» . وتبيّن قوله في وصف خمر أهل الجنة: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ (١٩) [الواقعة: ١٩] كيف نفى عنها بهذين اللفظين جميع عيوب الخمر، وجمع بقوله: (ولا ينزفون) عدم العقل، وذهاب المال، ونفاد الشراب. وقوله: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ (٤٢) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ (٤٣) [يونس: ٤٢، ٤٣] كيف دلّ على فضل السّمع على البصر، حين جعل مع الصمم فقدان العقل، ولم يجعل مع العمى إلا فقدان النظر. وقوله: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ [النساء: ١٤٥، ١٤٦] فدلّ على أن المنافقين شرّ من كفر به، وأولاهم بمقته، وأبعدهم من الإنابة إليه، لأنه شرط عليهم في التوبة: الإصلاح والاعتصام، ولم يشرط ذلك على غيرهم. ثم شرط الإخلاص، لأن النّفاق ذنب القلب، والإخلاص توبة القلب.

(١) البيت من البسيط، وهو لهمام الرقاشي في مقاييس اللغة ٤/ ٣٧٧، والبيان والتبيين ٢/ ٣١٦، ٣/ ٢٠٢، ٤/ ٨٥، والخزانة ٣/ ٣٤٥، ولعصام بن عبيد الزماني في تاج العروس (غلل)، ولأبي القمقام الأسدي في عيون الأخبار ١/ ٩١، ولهشام الرقاشي في العقد الفريد ١/ ٨٠، وبلا نسبة في لسان العرب (غلل) . (٢) انظر البيان والتبيين ٢/ ٣١٦، وفيه بلفظ: وقال بعض الحكماء: قتل البعض إحياء للجميع. (٣) انظر كتاب الصناعتين، وفيه بلفظ: القتل أنفى للقتل.

1 / 13