96

فى غسل اليد من الطعام بالطعام ينفر النعمة وأعظم النعمة نعمة الدين ونفارها عن العبد زوالها عنه وانقطاعها منه إذا هو لم يرعها حق رعايتها ويصنها واجب صيانتها، جعلكم الله معشر الأولياء ممن يصون من نعمه ما أولاه ويعرف حق ذلك ويرعاه، وصلى الله على محمد نبيه وعلى الأئمة من ذريته وسلم تسليما، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

المجلس الثامن من الجزء الثانى: [فى ذكر التنظف]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله المشهود له فى الوجود بالإقرار له فى قلوب أهل الجحود وصلى الله على نبى الأمة محمد وآله الأئمة. انتهى القول معشر الأولياء فيما سمعتموه من تأويل كتاب الدعائم إلى ما يتلوه مما جاء عن أبى جعفر محمد بن على صلى الله عليه وسلم من قوله الوضوء قبل الطعام وبعده بركة الطعام، وقد تقدم القول فى التأويل بأن مثل الوضوء فى الجملة هاهنا وهو غسل اليدين قبل الطعام مثل التنظف من أوساخ الذنوب قبل استماع العلم الذي مثله مثل الطعام فى الباطن وبه حياة النفوس الباطنة كما بالطعام فى الظاهر حياة الأبدان الظاهرة وأن مثل الغسل بعد الطعام مثل ستر العلم وكتمانه إذا كان فعل ذلك إنما يراد به إزالة رائحة الطعام عن اليدين فمن تقدم قبل استماعه للعلم بإصلاح نفسه وصيانتها عن محارم الله واستعمل الورع عن ذلك بما صان ما صنعه سمعه من العلم وحفظ ما استحفظه منه وستر ما أمر بستره وكتمانه فكتمه فقد بورك له فيه وانتفع بالعلم الذي سمعه.

فهذا تأويل قوله صلى الله عليه وسلم الوضوء قبل الطعام وبعده بركة الطعام، والبركة التكثير والزيادة، وغسل الأيدى قبل الطعام وبعده فى الظاهر أيضا مأمور به مندوب إليه وفيه فضل لأنه من التنظف الواجب فى الشريعة.

ويتلو ذلك قول على صلى الله عليه وسلم إن الشيطان مولع بالغمر فإذا أوى أحدكم إلى فراشه فليغسل يده من ريح الغمر تأويل ذلك ما قد تقدم القول فى أن الشيطان من انقطع عن مولى زمانه وبعد منه بعد إنكار له واجتناب واسم الشيطان مشتق من الشطن وهو البعد واشتمامه للغمر وولوعه به هو مطالبته من المؤمن إذا أحس بأنه قد حوى شيئا من العلم أن يفضى به إليه برمز أو إيماء أو إشارة فهو يحتال عليه فى ذلك ليستخرجه منه وذلك مثل وجود الرائحة وغسل اليدين من الغمر مثله

Page 142