كثيب، وبيده قناةٌ قد أسندها إلى عنقه، وعلى رأسه عمامةٌ حمراء قد أرخى لها عَذَبَةً صفراء. فحيّاه زهير، فأحسن الردّ ناظرًا من مقلةٍ شَوساء، قد مُلئت تيهًا وعُجبًا. فعرّفه زهيرٌ قصدي، وألقى إليه رغبتي. فقال: بلغني أنه يتناول؛ قلت: للضرورة الدافعة، وإلا فالقريحة غير صادعة، والشفْرة غير قاطعة. قال: فأنشدني؛ وأكبرتُه أن أستنشده، فأنشدته قصيدتي التي أوّلها:
أبرقٌ بدا أمْ لمع أبيضَ قاصِلِ ...
حتى انتهيت إلى قولي:
ترددَ فيها البرقُ حتى حسبتُهُ ... يشير إلى نجمٍ الرُّبى بالأناملِ
ربىً نسجت أيدي الغَمام للُبسها ... غلائلَ صُفرًا، فوق بيضِ غلائلِ
سهرتُ بها أرعى النجوم وأنجمًا ... طوالع للراعين، غير أوافلِ
وقد فغرتْ فاها بها كلّ زهرةٍ، ... إلى كل ضَرعٍ للغَمامة حافلِ
ومرّت جيوش المُزن رَهوًا، كأنها ... عساكر زَنْجٍ مذهَباتُ المناصِلِ
1 / 108