ويحهن إنهن ههنا يبكين؟ ما أثقلهن! مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم» رواه الإمام أحمد وابن ماجة.
وهذا صريح في نسخ الإباحة المتقدمة، والفرق بين ما قبل الموت وبعده، أنه قبل الموت يرجى فيكون البكاء عليه حذرًا، فإذا مات انقطع الرجاء وأبرم القضاء، فلا ينفع البكاء.
احتج أصحابنا ومن قال بقولهم، ممن جوز البكاء قبل الموت وبعده، قال «جابر بن عبد الله: أصيب أبي يوم أحد، فجعلت أكشف الثوب عن وجهه وأبكي، فجعلوا ينهوني، ورسول الله ﷺ لا ينهاني، فجعلت عمتي فاطمة تبكي، فقال النبي ﷺ: تبكين أو لا تبكين، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه»، متفق عليه.
«وعن ابن عمر قال: اشتكى سعد بن عباده شكوى له، فأتاه النبي ﷺ يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود، فلما دخل عليه، فوجده في غاشية، فقال: قد قضى؟ قالوا لا يا رسول الله، فبكى النبي ﷺ، فلما رأى القوم بكاء رسول الله بكوا، فقال: ألا تسمعون، أن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم» رواه البخاري، وهذا لفظه، «ومسلم وعنده: وجده في غشية فقال: أقد قضى؟ قالوا: لا يا رسول الله..
» الحديث، وهو من رواية يونس بن عبد الأعلى.
«وعن أسامة بن زيد، قال: كنا عند النبي ﷺ، فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه، وتخبره أن صبيًا أو ابنًا لها في الموت، فقال الرسول: ارجع إليها فأخبرها أن لله ﷿ ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها لتصبر ولتحتسب، فعاد الرسول فقال: إنها قد أقسمت لتأتينها.
قال: فقام النبي ﷺ، وقام معه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت،
1 / 38