ولمَّا كانت السعادة دائرةً -نفيًا وإثباتًا- مع ما جاءَ به كان جديرًا بمن نصح نفسه أن يجعل لحظات عمره وقفًا على معرفته، وإرادتَه مقصورةً على محابّه، وهذه (^١) أعلى همَّة شمَّرَ إليها السابقون، وتنافسَ فيها المتنافسون. فلا جرمَ ضمَّنَّا هذا الكتابَ قواعدَ من سلوك طريق (^٢) الهجرة المحمدية. وسمّيناه "طريق الهجرتين، وباب السعادتين". وابتدأناه بباب الفقر والعبودية، إذ هو باب السعادة الأعظم (^٣) وطريقها الأقوم الذي لا سبيل إلى دخولها إلا منه. وختمناه بذكر طبقات المكلَّفين من الجن والإنس في الآخرة ومراتبهم في دار السعادة والشقاء (^٤). فجاء الكتاب غريبًا فرب معناه، عجيبًا في مغزاه، لكلِّ قومٍ منه نصيب، ولكلِّ واردٍ منه شِرْب (^٥). وما كان فيه من حق وصوابٍ فمن اللَّه، هو المانُّ به، فإنَّما (^٦) التوفيق بيده. وما كان فيه من خطأ وزللٍ (^٧) فمنِّي ومن الشيطان، واللَّه ورسوله منه بريء (^٨).
فيا أيها القارئ له والناظر فيه، هذه بضاعةُ صاحبه (^٩) المزجاةُ مسوقةٌ إليك، وهذا فهمه وعقلُه معروضٌ عليك. لك غُنْمُه، وعلى مؤلفه
(^١) "ط": "وهذا".
(^٢) "طريق": ساقط من "ك، ط".
(^٣) "الأعظم": ساقط من "ط".
(^٤) "ط": "الشقاوة".
(^٥) "ط": "مشرب".
(^٦) "ط": "فإن".
(^٧) "خطأو" ساقط من "ط".
(^٨) ط: "براء". والذي ورد في الأصل وغيره صحيح في العربية.
(^٩) "ك، ط": "صاحبه".