صدرت عشرات الطبعات، وصوّرت مرّات ومرّات. وزعمت طبعتان منها -وهما طبعة دار ابن كثير بتحقيق يوسف علي البديوي، وطبعة دار البيان بتحقيق بشير محمد عيون- أنهما اعتمدتا على نسخة الظاهرية، وأثبتت الأخيرة أرقام أوراقها أيضًا في الحواشي، ولكن مقارنة متن الطبعتين بالنسخة المذكورة لا تصدّق دعواهما العريضة. ولو اعتمدت إحداهما عليها لكانت خليقةً بأن تكون أصحّ الطبعات، غير أنهما لم تزيدا على مراجعتها في مواضع متفرقة تحلّةً للقسم!
وكان من فضل اللَّه سبحانه أن وفقني لإخراج هذه النشرة التي هي أول نشرة علمية للكتاب، وقد اعتمدت فيها على خمس نسخ خطيّة، أهمّها نسختان: إحداهما نسخة الظاهرية التي هي مسودة الكتاب بخط المصنف، والأخرى نسخة منقولة من نسخة المصنف حسب تصريح ناسخها.
وقد تبيّن لي أنّ المؤلف ﵀ قد ترك الكتاب مسوّدة مع إضافاته وإلحاقاته الكثيرة، فلا أمكنه تبييضه، ولا قرئ عليه، ومن ثم قد بقي فيه من السهو وسبق القلم شيء كثير. وقد ضاع بعض كلامه أيضًا لكونه في أطراف الأوراق التي أكل منها البلى. وكان في خطه كذلك من السرعة وإهمال النقط وتداخل الكلمات وغيره ما يؤدي إلى صعوبة واختلاف في القراءة. وقد اجتهدت في قراءة النص مستعينًا بالنسخة المنقولة من الأصل وغيرها، ومستأنسًا بأسلوب المؤلف وعباراته المألوفة، وأرجو أن أكون قد وفقت في خدمة الكتاب وأدائه أداءً مقاربًا لما وضعه المؤلف ﵀.
المقدمة / 8