Histoire de la traduction et du mouvement culturel à l'époque de Mohammed Ali

Jamal Din Shayyal d. 1387 AH
156

Histoire de la traduction et du mouvement culturel à l'époque de Mohammed Ali

تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي

Genres

وقال حسن قاسم في كتاب «تاريخ ملوك فرنسا»: «وكان تصحيح هذا الكتاب الفائق، بمعرفة حضرة العلامة الأوحد سعادة الميرالاي رفاعة بك الأمجد وعلى يد المستنصر بربه القوي، محمد قطة العدوي، مصحح قلم ترجمة.»

198

وممن شارك مشاركة جدية في مراجعة وتصحيح الكتب التي ترجمت في مدرسة الألسن، وقلم الترجمة الشيخ أحمد عبد الرحيم الطهطاوي، كبير مصححي الألسن؛ فقد عين في المدرسة منذ إنشائها، ولم يطبع من كتبها كتاب «إلا طالعه وتصفحه، وقابله وصححه وهو يشتغل ليلا ونهارا».

أما اختيار الكتب التي تترجم فقد كان موكولا لرفاعة بك، وقد بدأ كما ذكرنا فاختار لتلاميذه بعض الكتب التي قرأها ودرسها وهو في باريس؛ ككتاب «تاريخ الفلاسفة اليونانيين»، وكتاب «بداية القدماء وهداية الحكماء»، وكتاب «دي مارسيه»، في المنطق الذي ترجم بعنوان «تنوير المشرق بعلم المنطق، إلخ».

غير أنه كان يحدث أحيانا أن يكتب ديوان المدارس إلى مدرسة الألسن مشيرا بترجمة كتب معينة، وإذا قلنا ديوان المدارس، فإنما نعني في الواقع مديره أدهم بك؛ فقد كان رجلا مثقفا واسع الثقافة وخاصة في اللغة الفرنسية والعلوم الرياضية؛ ولهذا نلاحظ أن معظم الكتب التي أشار ديوان المدارس بترجمتها كانت إما كتبا رياضية، وإما كتبا في الرحلات، قال السيد أفندي عمارة في مقدمة كتاب «تهذيب العبارات في فن أخذ المساحات»: «فمذ حللت كغيري بتلك المدرسة (الألسن) اجتنيت من ثمر اللغة العربية والفرنساوية أنفسه، بإرشاد ناسج حلة بردها، وناظم جوهر عقدها ... العلامة السيد رفاعة أفندي بدوي رافع، فلما علم مني الرغبة في التحصيل ... حباني من فضله إمداده، إلى أن بلغت المأمول وزيادة، وأمرني عملا بما صدر من ديوان المدارس المصرية أن أترجم كتابا للمؤلف «لوكوه» يتضمن بيان المسافات، وفن أخذ المساحات ... إلخ.»

وقال سعد نعام في مقدمة «سياحة في أمريكا»: «قد صدر الأمر بتعريبه، وتفسير تراكيبه من ديوان المدارس المصرية، التي هي بكسب العلوم حرية، بأنفاس مديرها حضرة البك المفخم، سعادة أمير اللوا إبراهيم أدهم ... إلخ.»

وقال إبراهيم مصطفى البياع «الصغير» في مقدمة «سياحة في الهند»: «هذه خدمة يسيرة، وتعريب رحلة صغيرة، للمؤلف «أوبير ثرولد»، ألفها في سياحته إلى بلاد الهند، وجدت في كتبخانة حضرة البك المفخم مدير المدارس، سعادة أمير اللواء أدهم بك، فصدر الأمر بترجمتها من الديوان إلى حضرة علامة الزمان، من رقي في مراقي الشرف أرفع محل وأعظمه، حضرة أميرالاي رفاعة بك ناظر قلم الترجمة، فعينني حفظه الله لترجمتها ...» إلخ.

ويبدو لي أن رفاعة كان يراعي رغبات وحاجات الوالي والحكومة والمدارس في اختيار الكتب التي تترجم، ولكنه كان يتخير الكتب التاريخية تبعا لخطة خاصة رسمها لنفسه؛ فإنه يتضح من مراجعة هذه الكتب أنه كان يريد أن يترجم كتبا مختلفة تغطي تاريخ العالم منذ أقدم العصور حتى أحدثها، وإن كان تاريخ فرنسا قد حظي منه بعناية خاصة؛ فقد ترجم فيه أكثر من كتاب، ولعل هذا راجع لثقافة رفاعة الفرنسية، وميله إلى هذه الدولة، أو العلاقة كانت تربط بين مصر وفرنسا منذ نزلت بأراضيها الحملة، أو لاستعانة محمد علي بالفرنسيين في إصلاحاته، وإيثاره فرنسا بإيفاد معظم البعثات إليها.

وقد عني رفاعة بعلم التاريخ هذه العناية، وعهد إلى تلاميذه بترجمة الكتب الكثيرة فيه لأسباب كثيرة، أولها ميله الخاص، وثانيها وأهمها ما كان يحسه من شغف محمد علي باشا الشديد بدراسة حوادث الأمم، وتراجم عظماء الرجال، ورفاعة حريص الحرص كله في كل ما يعمل على أن يرضي «ولي النعم».

بدأ رفاعة بتنفيذ هذه الخطة، فاختار كتابا في تاريخ الدول والشعوب القديمة، من مصريين وسوريانيين وبابليين ، وأكراد، وفرس، ويونانيين، إلخ، وعهد إلى تلاميذه في مدرسة الألسن بترجمته، ولما كان هذا الكتاب في أصله الفرنسي «ناقصا تاريخ الخليقة والعرب، وكان في كتاب عماد الدين أبي الفدا سلطان حماة ما يفي بالأرب»؛ فقد أضاف رفاعة إليه فصولا من هذا الكتاب «لكمال المطلوب، وبلوغ المرغوب»، والمطلوب والمرغوب، كما رجحنا، هو تغطية تاريخ العالم بسلسلة من الكتب؛ ولهذا نراه لا يتقيد بنصوص المؤلفين عند الترجمة، بل يبيح لنفسه إضافة أجزاء من كتب عربية قديمة ليكمل بها ما في هذه الكتب من نقص، وليحقق خطته التي رسمها لنفسه.

Page inconnue