Histoire de la traduction en Égypte à l'époque de la campagne française
تاريخ الترجمة في مصر في عهد الحملة الفرنسية
Genres
الفصل الأول
اتصال العلماء المصريين بعلماء الحملة الفرنسية وأثر هذا الاتصال
التقابل بين جيش المماليك والفرنسيين، أعداء الفرنسيين في مصر، فشل الحملة حربيا، جهود علماء الحملة، موقف الشعب منهم، موقف علماء مصر منهم، الشيخ عبد الرحمن الجبرتي يصف المجمع العلمي، اختياره عضوا في ديوان «مينو»، الشيخ إسماعيل الخشاب، علاقته ببعض مستشرقي الحملة، اختياره كاتبا ل «سلسلة التاريخ» في ديوان «مينو»، أسطورة إصدار صحيفة عربية في عهد الحملة ودحضها، الشيخ حسن العطار، عنايته بعلوم غير تلك التي كانت تدرس في الأزهر، اتصاله ببعض الفرنسيين، إفادته منهم ولهم، أثر هذا الاتصال في المشايخ الثلاثة، مطبعة الحملة. ***
كان الأمر في مصر قد انتهى بقوتين من ثلاث - وهما قوة الباشا وقوة الديوان - إلى الضعف العام، والانحلال الشامل، كما انتهى بالقوة الثالثة - وهي قوة المماليك - إلى نوع من الانتعاش والصحوة؛ لهذا نجد أن هذه القوة هي التي تتولى أمر الدفاع عن مصر أمام خطر هذا الغزو الجديد، ولكن المماليك اصطدموا هذه المرة بغرب غير ذلك الذي عرفوه في الحروب الصليبية، وسرعان ما رأوا أن لا أساس لما زعموا «من أنه إذا جاءت جميع الإفرنج لا يقفون في مقابلتهم، وأنهم يدوسونهم بخيولهم.»
1
فكان هذا الجيش الجديد الآتي من الغرب الجديد يتبع نظما جديدة، ويستعمل أسلحة جديدة، ويقوده شاب يمتلئ شجاعة وإقداما وأملا، فلم يكن من الممكن، أو من المحتمل، أن تقف أمامه فلول المماليك - رغم شجاعتهم الشخصية - بنظامهم الفروسي القديم، وخططهم العتيقة - خطط الكر والفر - وسلاحهم البالي من سيوف ورماح ونبال ... إلخ.
هزمت جيوش المماليك، وتفرقت جنودهم شيعا تلوذ بأذيال الفرار شرقا نحو الشام، وجنوبا نحو أقاصي الصعيد وبلاد النوبة والسودان؛ ولهذا نستطيع أن نقرر أن الحملة نجحت من الناحية الحربية، ولكنه كان نجاحا وقتيا لم يلبث أن انكشف عن صعوبات جديدة، يقوم بها عصبة من الأعداء: إذ لم يكن من اليسير أن تتنازل فلول المماليك عن غنيمتهم بهذه السرعة، ولم يكن من السهل أن يترك السلطان مصر - درة تاجه - للفرنسيين دون أن يناضل في سبيلها - ولو بجهد المقل - ولم يكن من الجائز عقلا في شريعة إنجلترا أن تلقي لفرنسا الحبل على الغارب تستولي على هذا الشريان الذي يصل بين قلبها وبين أطراف الإمبراطورية في الشرق، ولم يكن من المقبول أخيرا لدى سكان مصر أن يضع هؤلاء الفرنج أيديهم على بلادهم، وهم هؤلاء الكفرة الذين يشربون الخمر، ويراقصون النساء، ويرتكبون المنكر عيانا، وهم الذين يقيدون من حرياتهم يوما بعد يوم فيمنعونهم الدفن في منازلهم، ويأمرونهم بكنس الشوارع ورشها وإنارتها ليلا، ويهدمون أبواب حاراتهم، ويزيلون أسقف أسواقهم، ويسجلون مواليدهم وموتاهم، ويفرضون عليهم الضرائب ... إلخ.
2
وثارت هذه القوى جميعا ضد الفرنسيين، ولكل بغيتها وأمنيتها، وظلت الحملة الفرنسية سنوات ثلاثا تناضل نضالا عنيفا حتى عجزت فخضعت ثم خرجت.
غير أن فريقا آخر من رجال الحملة نجح نجاحا مشكورا في مهمته التي ألقيت على عاتقه، ذلك هو فريق العلماء المرافقين للحملة، فقد كان الجنود يحاربون ويناضلون في الصحراء، وفي المدن، وفي القرى، وهؤلاء العلماء عاكفون على أبحاثهم وآلاتهم وكتبهم، يدرسون تربة مصر، ونباتاتها، وحيوانها، وطيرها، ونيلها، ومعادنها، وطرقها، وأسواقها، وصناعاتها، ومجتمعاتها، وآثارها ... إلخ، ثم يسجلون في دفاترهم نتائج أبحاثهم هذه كلها، لتكون الرصيد المختزن للمؤلف العظيم الذي يضعونه عن مصر بعد خروج الحملة، وهو كتاب وصف مصر
Page inconnue