Histoire de Napoléon Bonaparte
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Genres
كانت هناك تدابير جديدة تثبت انتباه الإمبراطور مدة إقامته بإيطاليا، إذ كانت التوسكان والسفارات مهيأة لأن تكون جزءا من الإمبراطورية الفرنسية. بعد أن هيأ نابوليون جميع الوسائل لهذا الاتحاد أخذ طريق فرنسا. وفيما هو يجتاز الألب، توقف فترة من الوقت في شانبري، حيث كان ينتظره فتى في مقتبل العمر ليسأله الإفراج عن أمه المنفية؛ كان هذا الفتى السيد ده ستال ابن الكاتبة الشهيرة مدام ده ستال، فاستقبله الإمبراطور بترحاب عظيم إلا أنه أظهر قساوة شديدة نحو ابنة نيكر،
3
ونيكر نفسه، وقال له: «لا بد لأمك أن تكون مسرورة بوجودها في فيينا فسيتاح لها هناك أن تتعلم اللغة الألمانية ... إنني لا أقول لها: إنها امرأة رديئة، فهي ذات روح، ولكنه لا حد له فضلا عن أنه متمرد وعات ... لقد نشأت في ظلمات الملكية التي تتهدم وتنهار وفي الثورة أيضا، وكل هذا خطر جدا؛ إذ إنها قد تخلص إلى خلق دخلاء ومتعصبين، إذن فينبغي أن أسهر عليها وأراقبها. إن أمك لا تحبني، وهي تسعى جهدها إلى العودة لباريس لتكون علما في ضاحية سن جرمين. ليست حكومتي حكومة سخافات فليعلم الجميع ذلك!» فاعترض دي ستال الفتى على ما جاء بحق أمه ثم قال: «قال لي البعض: إن مؤلف جدي الأخير هو الذي دفعك إلى مقت والدتي، أما أنا فأوكد لجلالتك أن الكتاب لم يؤثر فيها أقل تأثير.»
فأجابه الإمبرارطور: «بل إنه أثر كل التأثير. لقد كان جدك رجلا مجنونا، معتوها؛ فإنه، وهو في الستين من عمره، حاول أن يهدم تنظيماتي بخطط تنظيمات جديدة عملها هو. إن الدول لفي حاجة إلى رجال مثل جدك يديرون شئونها، إنهم لمجانين هؤلاء الذين يدينون الرجال في الكتب والعالم على «الخارطة»! ... ألا إن الاقتصاديين إنما هم أدمغة مجوفة تحلم بخطط مالية، في حين أنها غير جديرة بأن تتمم وظيفة جاب في آخر قرية من إمبراطوريتي. وقصارى الكلام أن مؤلف جدك إنما هو عمل رجل عنيد مسن مات وهو يكرر الأقوال المضجرة على مسامع الحكومات.» عند هذا حزن حفيد نيكر فقاطع الإمبراطور بقوله إن جلالته، ولا شك، أخذ هذه النظريات في الكتاب من قوم أردياء، وإنه لم يقرأه بنفسه لأن المؤلف يأتي على ذكر نبوغ نابوليون بكلام صريح. فقال له الإمبراطور بحدة: «إنك لفي ضلال، فلقد قرأته من أوله إلى آخره ... أجل! إنه يأتي على ذكري بكلام طيب إذ إنه يدعوني بالرجل الضروري! ولكنه يرى من الضروري أن يقطع عنق هذا الرجل الضروري! أجل، لقد كنت ضروريا لمحو هفوات جدك التي ارتكبها بحق فرنسا ... إنه إنما هو الذي عمل الثورة! ... أما الآن فقد انتهى حكم المفسدين، وإني لأريد الطاعة المطلقة! ... احترموا السلطة لأنها تأتي من الله ... إنك لا تزال فتى، فلو كانت لك خبرتي لكنت ترى الأشياء بعين غير العين التي تراها بها الآن! ... إلا أن صراحتك راقتني جدا ... فإني أحب أن يأخذ الولد الدفاع عن أمه ... ولكني لا أريد أن أمنحك رجاء كاذبا، إذن فلا أستطيع أن أنيلك شيئا.»
عند هذا انصرف السيد ده ستال، فالتفت نابوليون إلى ديروك وقال له: «ألم أكن قاسيا مع هذا الشاب؟ ... ولكن لا بأس، فلن يجيئني بعد ذلك من هو مثله ... إن هؤلاء الناس يعيبون كل ما أعمل ... لأنهم لا يفهمونني.»
وصل نابوليون إلى باريس في اليوم الأول من شهر كانون الثاني سنة 1808، وبعد أن مكث ثلاثة أيام زار الرسام الشهير دافيد في معمله، تصحبه قرينته جوزيفين؛ ليتفرج على صورة التتويج، وفي الشهر نفسه وضع نظما نهائية لبنك فرنسا فليسنك
4
ومقاطاعاتها إلى الإمبراطورية، أما مصير البورتغال فلم يكن قد تقرر بعد. فالبرغم من أنها كانت خضعت للجيش الفرنسي، لم يشأ نابوليون أن يقرر شيئا جازما لهذه المملكة فاكتفى بتنظيم حكومة موقوتة فيها وضع على رأسها جونو وأعطاه لقب حاكم عام. وفي الغد منح اللقب نفسه لصهره أمير بوركيز على المقاطعات التي هي ما وراء الألب.
في ذلك العهد أدت الجامعة الوطنية واجبا مهما، كان الإمبراطور قد عهد به إليها، في ظرف من تلك الظروف التي تنعتق فيها روح الرجل من عظمة العروش لتتجرد إلى الأعمال الكبرى، التي من شأنها أن ترفع مستوى الشعوب أخلاقيا وعلميا وفنيا، فلقد أدت كل من فرق هذه الجامعة الثلاث ملخصا عن نتائج المعارف البشرية التي كانت موضوع أعمالها الخاص، فاللائحة التاريخية اعتنقت العلوم والفنون والآداب منذ سنة 1789. سرد شينيه أعمال الفئة التي كانت تمثل المجمع العلمي الفرنسي القديم، وعرض ديلمبر وكوفيه نتائج العلوم الطبيعية والرياضية، وتكلم داسيه باسم هذه الفئة من الجامعة التي تؤلف اليوم مجمع المخطوطات والآداب، وعرض لبرتون ملخص أعمال فئة الفنون الجميلة. إن عمل الجامعة سيبقى مثالا لعظمة الشعب الذي لم تمنعه اضطرابات الحروب الأهلية وتعاقب الحروب الخارجية عن الاهتمام بالعلوم والآداب والفنون، في حين أن أوروبا والعالم أجمع، كانا يظنانه شعبا عسكريا صرفا.
كان لم يبق للثورة الفرنسية أن تقاتل إلا في شمالي أوروبا، إلا أن الجنوب كان قد قمع قمعا من غير أن يتوب، وكان نابوليون يعلم كل العلم أن الوزارة الإسبانية إنما كانت مهيأة، كالوزارة النمسوية، لتنضم إلى بروسيا وروسيا وإنكلترا عندما جاءت موقعة يينا فخدعت آمال العصبة الثلاثية. في ذلك الحين أذاع أمير السلام غودوي نشرة كشفت طوية الإسكوريال
Page inconnue