1
ثم باشر محاصرة الكويت فأرسل الشيخ مبارك يعلم «ولده» عبد العزيز بذلك ويستنجده. والدهر في الناس قلب ... فقد صار منجدا من كان بالأمس مستنجدا.
وكان عبد العزيز بعد شهر أقامه في الرياض قد غزا عرب مطير في الصمان، وعتيبة في عرق رغبة بين الوشم وجبل طويق. مما يدل على أن النزعات أو المصالح بدأت تشق القبائل فصار قسم منها يدين لابن سعود، وقسم لابن الرشيد، فيغير هذا على عتيبة مثلا السعودية، ويغير ذاك على عتيبة الموالية لابن الرشيد.
لبى عبد العزيز دعوة الشيخ مبارك فسار فزعا إلى الكويت بجيش لا يقل عن العشرة آلاف، وهو الذي خرج منها بأربعين ذلولا أجرب منذ سنتين. فرحبت الكويت به وهللت له، وانضم منها إلى جيشه ما كان قد جنده مبارك بقيادة جابر بن الصباح، ثم خرج الاثنان جابر وعبد العزيز غازيين طالبين ابن الرشيد.
زحف هذا الجيش الجرار المؤلف من قبائل الحساء كلها - من العجمان وآل مرة وبني خالد وبني هاجر والعوازم والمناصير وسبيع والسهول - البالغ عدده أربعة عشر ألفا، منهم أربعة آلاف خيال، ووجهتهم الحفر، ولكنهم أخبروا في الطريق أن ابن الرشيد قد عاد إلى بلاده، فهجموا لذلك على مطير في الصمان، فذبحوهم عن بكرة أبيهم، وغنموا أموالهم وأرزاقهم كلها، «ذبحناهم وأخذنا حلالهم (أمتعتهم)!»
على أن حلاوة هذا النصر لم تدم طويلا. فقد بلغهم عندما وصلوا إلى ماء طوال الخبر اليقين وهو أن ابن الرشيد - الذي يحسن مثلهم الخدعة - لم يرجع إلى بلاده، بل زحف إلى الرياض يبغي محاصرتها. وقد مر في طريقه بعربان من السهول فضربهم وضمهم إلى جيشه (1321ه / 1903م)، ثم تقدم مسرعا وهو ينوي أن يفاجئ العاصمة بالهجوم ليلا عليها، فلما دنا منها عسكر عند ضلع يدعى أبا أم خروق
2
دون أن يعلم بذلك أحد من أهل المدينة، ولكنه عندما مشى إليها، وأصبح في ظلال نخيلها، شرد رجل من السهول المكرهين ودخل يصيح بالناس: العدو قرب منكم! العدو عند السور!
نهض إذ ذاك الإمام عبد الرحمن بأهل الرياض للدفاع، فخرجوا على ابن الرشيد ونازلوه خارج السور، فردوه خائبا، فنقل بعد ذلك معسكره من بمخروق إلى نخيل يبعد ساعة عن المدينة، وأقام هناك ثلاثة أيام دون أن يأتي بحركة.
ثم بلغه أن عبد العزيز بن سعود زاحف إلى القصيم، فشد الرحال مسرعا ومشى إلى الوشم عن طريق ضرمة. وكان الإمام عبد الرحمن قد أرسل سرية
Page inconnue