Histoire de La Mecque
تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف
Chercheur
علاء إبراهيم، أيمن نصر
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م
Lieu d'édition
بيروت / لبنان
فِي النَّاس فتراجعوا وَأَصَابُوا من فضلهما حَتَّى ضاقوا بذلك ذرعًا، وساد عبد الْمطلب بذلك قُريْشًا فَلم يزل عبد الْمطلب وَأَبُو مَسْعُود فِي غنة من ذَلِك المَال إِلَى أَن مَاتَا. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ بِإِسْنَادِهِ: وَجه النَّجَاشِيّ أرياط بأَرْبعَة آلَاف إِلَى الْيمن فغلب عَلَيْهَا فَأكْرم الْمُلُوك واستذل الْفُقَرَاء، فَقَامَ رجل من الْحَبَشَة يُقَال لَهُ: أَبْرَهَة الأشرم أَبُو يكسوم فَدَعَا إِلَى طَاعَته فَأَجَابُوهُ فَقتل أرياط وَغلب على الْيمن، فَرَأى النَّاس يَتَجَهَّزُونَ أَيَّام الْمَوْسِم لِلْحَجِّ قَالَ: أَيْن يذهب النَّاس؟ فَقَالُوا: يحجون بَيت الله بِمَكَّة. قَالَ: مِم هُوَ؟ قَالُوا: من حِجَارَة. قَالَ: فَمَا كسوته؟ قَالُوا: الوصائل. قَالَ: والمسيح لأبنين لكم خيرا مِنْهُ. فَبنى لَهُم بَيْتا عمله بالرخام الْأَبْيَض وَالْأسود والأحمر والأصفر وحلاه بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وحفه بالجواهر، وَجعل لَهُ أبوابًا عَلَيْهَا صَفَائِح الذَّهَب ومسامير الذَّهَب ورصّعها بالجواهر وَجعل فِيهَا ياقوتة حَمْرَاء عَظِيمَة وَجعل لَهَا حجّابًا، وَكَانَ يُوقد بالمندل ويلطخ جدره بالمسك حَتَّى يطيب الْجَوَاهِر، وَأمر النَّاس بحجه فحجه كثير من قبائل الْعَرَب سِنِين وَمكث فِيهِ رجال يتعبدون ويتنسكون، فأمهل نفَيْل الْخَثْعَمِي حَتَّى كَانَ لَيْلَة من اللَّيَالِي وَلم ير أحدا يَتَحَرَّك جَاءَ بعذرة فلطخ بهَا قبلته وَألقى فِيهِ الْجِيَف، فَأخْبر أَبْرَهَة بذلك فَغَضب غَضبا شَدِيدا وَقَالَ: إِنَّمَا فعل هَذَا الْعَرَب غَضبا لبيتهم لأنقضه حجرا حجرا. وَكتب إِلَى النَّجَاشِيّ يُخبرهُ بذلك ويسأله أَن يبْعَث إِلَيْهِ بفيله مَحْمُودًا، وَكَانَ فيلًا لم ير مثله فِي الأَرْض عظما وجسمًا وَقُوَّة فَبعث بِهِ إِلَيْهِ فغزا الْبَيْت كَمَا ذكرنَا إِلَى أَن قَالَ: أَقبلت الطير من الْبَحْر مَعَ كل طَائِر حجران فِي رجلَيْهِ وَحجر فِي منقاره، فَقَذَفْتُ الْحِجَارَة عَلَيْهِم لَا تصيب شَيْئا إِلَّا هشمته وَإِلَّا نفط ذَلِك الْموضع، وَكَانَ ذَلِك أول مَا رُؤِيَ الجدري والحصبة بِأَرْض الْعَرَب ذَلِك الْعَام، وَأول مَا رُؤِيَ بهَا من أَمر الشّجر من الحرمل والحنظل وَالْعشر فِي ذَلِك الْعَام فأهمدتهم الْحِجَارَة، وَبعث الله سيلًا آتِيَا فَذهب بهم إِلَى الْبَحْر فألقاهم فِيهِ، وَولى أَبْرَهَة وَمن بَقِي مَعَه هرابًا، فَجعل أَبْرَهَة يسْقط عضوا عضوا حَتَّى مَاتَ، وَأما مَحْمُود فيل النَّجَاشِيّ فَرَبَضَ وَلم يشجع على الْحرم فنجا، وَأما الآخر فشجعت فحصبت وَهَلَكت.
1 / 90