185

Histoire de La Mecque

تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف

Enquêteur

علاء إبراهيم، أيمن نصر

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Édition

الثانية

Année de publication

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م

Lieu d'édition

بيروت / لبنان

هَلَكت الْأمة وَفِيه بَيَان عظم توكل النَّبِي ﷺ حَتَّى فِي هَذَا الْمقَام. قَالَ النَّوَوِيّ: وَفِيه فَضِيلَة لأبي بكر وَهِي أجل مناقبه من أوجه أَحدهَا: هَذَا اللَّفْظ الْمُعْطى تكريمه وتعظيمه. وَثَانِيها: بذل نَفسه ومفارقته أَهله وَمَاله ورياسته فِي طَاعَة الله وَرَسُوله وملازمة النَّبِي ﷺ ومعاداة النَّاس فِيهِ. وَثَالِثهَا: جعل نَفسه وقاية عَنهُ انْتهى كَلَامه قيل: وَرَابِعهَا تَخْصِيص الله تَعَالَى إِيَّاه فِي أَمر نبيه ﷺ باستصحابه دون غَيره من سَائِر النَّاس وَمن فَوَائِد الحَدِيث بَيَان كَرَاهَة الْمكْث بَين الْكفَّار والفجار والفساق الَّذين لَا يتدينون بِالْحَقِّ وَلَا يُمكن حملهمْ عَلَيْهِ وَمِنْهَا جَوَاز التحصن بالقلاع عِنْد الْخَوْف من الْعَدو وَمِنْهَا: أَن تعهد الْأَسْبَاب فِي الحاجيات لَا يقْدَح فِي التَّوَكُّل والاعتماد على الله تَعَالَى وَمِنْهَا: أَنه يجوز الْأَخْذ بالحزم وَإِظْهَار ظن السوء المتوقع من الْعَدو، وَلَيْسَ ذَلِك من الظَّن الْمنْهِي عَنهُ لِأَن أَبَا بكر ﵁ قَالَ: لَأَبْصَرنَا تَحت قَدَمَيْهِ وَلم يُنكر عَلَيْهِ النَّبِي ﷺ وَمِنْهَا أَنه يجوز المسافرة بالرفيق الْوَاحِد عِنْد الْحَاجة بِلَا كَرَاهَة وَإِن ورد خير الرفقاء أَرْبَعَة فَإِنَّهُ ﷺ لم يستصحب سوى أبي بكر وَمِنْهَا أَنه يجوز لأحد الْفَرِيقَيْنِ أَن يظْهر لصَاحبه خَوفه مِمَّا يخَاف مِنْهُ ليخفف عَن نَفسه ببث الشكوى وليكون صَاحبه وَاقِفًا على الْحَال مستعدًا لما عساه أَن يعرض. وَمِنْهَا: أَنه يَنْبَغِي للمشكو إِلَيْهِ أَن يسكن جأش الشاكي ويعده الْجَمِيل من الله تَعَالَى ويحثه على حسن الظَّن بِهِ وَمِنْهَا: اسْتِعْمَال الْأَدَب فِي المخاطبات بِذكر الْإِنْسَان بكنيته وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يتَضَمَّن الْإِكْرَام لقَوْله ﷺ: يَا أَبَا بكر. وَمِنْهَا: جَوَاز التكنية بِأبي فلَان وَإِن لم يكن للمكنى ابْن مُسَمّى بذلك إِذْ لم يكن لأبي بكر ابْن يُسمى بكرا. وَعَن غَالب بن عبد الله عَن أَبِيه عَن جده أَنه قَالَ: شهِدت مَعَ رَسُول الله ﷺ قَالَ لحسان بن ثَابت: " قلت فِي أبي بكر شَيْئا قل: حَتَّى أسمع " قَالَ: قلت: وَثَانِي اثْنَيْنِ فِي الْغَار المنيف وَقد ... طَاف الْعَدو بِهِ إِذْ صاعد الجبلا وَكَانَ حب رَسُول الله قد علمُوا ... من الْخَلَائق لم يعدل بِهِ بَدَلا فَتَبَسَّمَ رَسُول الله ﷺ وَفِي الحَدِيث: بَيَان فضل جبل ثَوْر بِمَا خصّه الله بِهَذِهِ المزية الْكَرِيمَة والمنقبة الْعَظِيمَة من بَين سَائِر الأطواد والأعلام حَيْثُ جعله متحصن خير الْأَنَام وقلعة رَسُول الله وحبيبه عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام. وَفِيه: بَين فَضِيلَة هَذَا الْغَار الشريف على سَائِر المغائر حَيْثُ كَانَ صدفًا لأشرف الْجَوَاهِر، وكهفًا لكهف الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وكنفًا لكنف الْخَلَائق من الْأَوَّلين والآخرين وَأنْشد للرافعي: فَخص بِذكر الله خير مغار ... وَلَا تتغافل عَن هجوم مغار وَكن حذرا من غيرَة الله واستقم ... لَدَيْهِ لِئَلَّا تبتلى بصغار

1 / 204