المساكن يعرج اليها بالمعارج ، وتحدث عن أنواع من الطيب كالكافور والزنجبيل والمسك وأنواع من الأثاث المترف كالنمارق والزرابي والسرر والفرش المبطنة بالاستبرق والسندس وأنواع الأواني من الفضة كالقوارير والأكواب والكؤوس وأنواع من الحلي كالمرجان واللؤلؤ ، كما حدثهم عن القراطيس والكتب والسجلات والصحف والأقلام والمداد وأشار في كثير من آياته الى النحاس والحديد والفخار والصحاف والجفان والقدور ، ولا يقول انسان ان القرآن كان يخاطبهم بما لا يفهمون مدلوله من الألفاظ وانه كان يشير الى معان غريبة عنهم.
إذن فبيئتهم كانت تعرف هذه المعاني معرفة من اختلط بها واندمج فيها ، وفي هذا من الأدلة ما يقوم بحجتنا على من وهم من المؤرخين وفيه ما ينطق بأن مكة كانت في ذلك العهد قد أخذت بطرف غير يسير من أسباب الحضارة الخاصة بجيلها الذي تعيش فيه.
وليس في هذا ما يدعو الى الاستغراب فقد كان المكيون من قريش يضربون في مناكب الأرض بين اليمن والشام والعراق وفارس والهند ومصر والحبشة ويتصلون في رحلاتهم هذه بالقصور المشيدة والعمران الفخم وألوان من الحضارة تتعدد بتعدد الحضارات التي كانوا يختلفون اليها ، فلا عجب أن تتلاقى في بيوتهم في مكة أكثر الحضارات الشائعة في عهدهم وأن تبدو واضحة في حياتهم.
وكانت مخابئهم إلى جانب هذا تكتنز بالذهب والفضة كما تكتنز بالنقد المضروب من الدينار والدرهم ، وقد ذكرها القرآن في معارض مختلفة نستطيع أن نفهم منها أنهم كانوا يعرفونها معرفة تامة.
Page 52