قحافة بعد أبي بكر إلا ستة أشهر وأيامًا، ومات في المحرم سنة أربع عشرة، وهو ابن سبع وتسعين سنة.
قال العلماء: لم يلِ الخلافة أحد في حياة أبيه إلا أبو بكر، ولم يرث خليفة أبوه إلا أبا بكر.
وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال: ولي أبو بكر سنتين وسبعة أشهر١.
وفي تاريخ ابن عساكر بسنده عن الأعصمي قال: قال خفاف بن ندبة السلمي يبكي أبا بكر:
ليس لحي فاعلمنه بقا ... وكل دنيا أمرها للفنا
والملك في الأقوام مستودع ... عارية فالشرط فيه الأدا
والمرء يسعى وله راصد ... تندبه العين ونار الصدا
يهرم أو يقتل أو يقهره ... يشكوه سقم ليس فيه شفا
إن أبا بكر هو الغيث إن ... لم تزرع الجوزاء بقلًا بما
تالله لا يدرك أيامه ... ذو مئزر ناشٍ، ولا ذو ردا
من يسعَ كي يدرك أيامه ... مجتهدًا شذ بأرض فضا
فصل: فيما روي عنه من الحديث المسند
قال النووي في تهذيبه: روي عن الصديق عن رسول الله ﷺ مائة حديث واثنين وأربعين حديثًا، وسبب قلة روايته، مع تقدم صحبته وملازمته للنبي ﷺ أنه تقدمت وفاته قبل انتشار الأحاديث واعتناء التابعين بسماعها وتحصيلها وحفظها.
قلت: وقد ذكر عمر ﵁ في حديث البيعة السابق: أن أبا بكر لم يترك شيئًا أنزل في الأنصار أو قد ذكره رسول الله ﷺ في شأنهم إلا ذكره، وهذا أدل دليل على كثرة محفوظه من السنة وسعة علمه بالقرآن الكريم، وروى عنه: عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي، وابن عوف، وابن مسعود، وحذيفة، وابن عمر، وابن الزبير، وابن عمرو، وابن عباس، وأنس، وزيد بن ثابت، والبراء بن عازب، وأبو هريرة، وعقبة بن الحارث، وعبد الرحمن ابنه، وزيد بن أرقم، وعبد الله بن مغفل، وعقبة بن عامر الجهني، وعمران بن حصين، وأبو برزة الأسلمي، وأبو سعيد الخدري، وأبو موسى الأشعري، وأبو الطفيل الليثي، وجابر بن عبد الله، وبلال، وعائشة ابنته، وأسماء ابنته، ومن التابعين: أسلم مولى عمر، وواسط البجلي، وخلائق.
_________
١ أخرجه الحاكم في المستدرك "٦٥/٣"، وسكت عليه.
1 / 69