من لا يزال دمعه مقنعًا ... فإنه في مرة مدفوق
فقال: لا تقولي هذا ولكن قولي: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيد﴾ [ق: ١٩] ثم قال: في أي يوم توفي الرسول ﷺ؟ قلت: يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، فتوفي ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، عن بكر بن عبد الله المزني، قال: لما احتضر أبو بكر قعدت عائشة ﵂ على رأسه، فقالت:
وكل ذي إبل يومًا سيوردها ... وكل ذي سلب لابد مسلوب
ففهمها أبو بكر، فقال: ليس كذلك يا ابنتاه، ولكنه كما قال الله: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيد﴾ [ق: ١٩] .
وأخرج أحمد عن عائشة ﵂: أنها تمثلت بهذا البيت وأبو بكر يقضي:
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل
فقال أبو بكر: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم١.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عبادة بن قيس قال: لما حضرت أبا بكر الوفاة قال لعائشة: اغسلي ثوبَيَّ هذين وكفنيني بهما، فإنما أبوك أحد رجلين: إمام مكسو أحسن الكسوة، أو مسلوم أسوأ السلب.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن أبي مليكة: أن أبا بكر أوصى أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس، ويعينها عبد الرحمن بن أبي بكر.
وأخرج ابن سعد عن سعيد بن المسيب: أن عمر ﵁ صلى على أبي بكر بين القبر والمنبر، وكبر عليه أربعًا.
وأخرج عن عروة، والقاسم بن محمد: أن أبا بكر أوصى عائشة أن يدفن إلى جنب الرسول ﷺ فلما توفي حفر له وجعل رأسه عند كتف الرسول ﷺ وألصق اللحد بقبر الرسول صلى الله عليه وسلم٢.
وأخرج عن ابن عمر قال: نزل في حفرة أبي بكر: عمر، وطلحة، وعثمان، وعبد الرحمن بن أبي بكر.
وأخرج من طرق عدة: أنه دفن ليلًا.
وأخرج عن ابن المسيب: أن أبا بكر لما مات ارتجت مكة، فقال أبو قحافة: ما هذا؟ قالوا: مات ابنك، قال: رزء جليل، من قام بالأمر بعده؟ قالوا: عمر، قال صاحبه٣.
وأخرج عن مجاهد، أن أبا قحافة رد ميراثه من أبي بكر على ولد أبي بكر، ولم يعش أبو
_________
١ أخرجه أحمد في المسند "٧/١".
٢ أخرجه ابن سعد في الطبقات "١٩٠/٢".
٣ أخرجه ابن سعد في الطبقات "١٩١/٢".
1 / 68