Histoire de l'État des Seldjoukides
تاريخ دولة آل سلجوق
Genres
فعرفتها أرسلان خاتون زوجة القائم ما يصير إليها من الجلال والجمال. وبين لها الفقيه المشطب جلية الحق وحقيقة الحال. وقال: هؤلاء عبيد الخليفة، ومثله لا يقابل بطلب المال. فحينئذ أجابت وسددت إلى الغرض وأصابت. وأخذ فخر الدولة يد السلطان على العقد، وعاد في صفر سنة 475 ه إلى بغداد. في جماد الأول ورد مؤيد الملك من أصفهان إلى بغداد ونزل في داره، وضربت علي بابه الطبول في أوقات الصلوات الثلاث. وعد ذلك من منكرات الأحداث وصل بعطاء رضيه، وقطع به ضرب الطبل. وآذنت الحباء بوضع الحبل. وفي شعبان من السنة، جلس مؤيد الملك للعزاء بأخيه جمال الملك وركب إليه فخر الدولة وعميد الدولة، وأقامه فخر الدولة من العزاء في اليوم الثالث ومعه الموكب.
ذكر جمال الملك أبي منصور بن نظام الملك
قال: كان كبير أولاد نظام الملك، وفيه دهاء وجرأة، وعزة ونخوة. وخاطبه أبوه في أيام ألب أرسلان أن يوزر لولده ملكشاه، فأظهر امتناع أبي، وقال: «مثلي لا يكون وزيرا لصبي»، ثم أقام ببلخ متوليا، وعلى تلك الممالك مستوليا. فسمع أن جعفرك مسخرة السلطان، تكلم على والده نظام الملك بأصفهان. وقرر الوزارة لابن بهمنيار، فهاج وتغيظ وثار، وأغذ السير من بلخ، حتى وصل إلى الحضرة، وأخذ جعفرك من بين يدي سلطانه، وتقدم بشق قفاه وإخراج لسانه، فقضي في مكانه. ثم أوقع التدبير في حق بن بهمنيار حتى أخذه وسلمه. ثم توجه مع والده في خدمة السلطان إلى خراسان وأقاموا بنيسابور، ودبروا الأمور. فلما أراد السلطان أن يرتحل، استدعى بعميد خراسان أبي علي وقال: أنا مفض إليك بسر خفي. فقال: أنا من كل ما تأمرني به على أقوم سنن فقال: رأسك أحب إليك أم رأس أبي منصور بن حسن، فقال: بل رأسي أحب، وأنا لما تستطبني من دائه أطب. فقال له: إن لم تقتله قتلتك.
وصرفتك عن ولاية الحياة وعزلتك.
فخرج من عنده، ولقي خادما بخدمة جمال الملك مختصا، وعرف في عقله نقصا.
فقال: إن السلطان قد عزم على أخذ صاحبكم وقتله غدا، والصواب أن تصونوا بإبادته حرمتكم أبدا. فظن السخيف العقل، أن ذلك عن أصل، وجهل النظر ونظر عن جهل. وخاف على تشتت آل النظام بهذا الولد، فعمد إلى كوز فقاع فسمه، ولما انتبه صاحبه بالليل وطلب الفقاع أتاه بالكوز المسموم، فلما شربه أحس بالموت فاستدعى أخته ليوصي إليها، فقضى نحبه قبل أن تقع عليها عينه. وكان السلطان قد رحل، ونظام الملك قد سبقه، فسار مغذا أربع منازل، حتى لحقه، ودخل إلى الوزير ولم يعلم بوفاة ولده فعزاه وقال: أنا ولدك والخلف عمن ذهب، وأنت أولى من صبر واحتسب.
Page 230