تاريخ مدينة السلام
تاريخ مدينة السلام
Enquêteur
الدكتور بشار عواد معروف
Maison d'édition
دار الغرب الإسلامي
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1422 AH
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Science du hadith
فَآذِنُونِي.
قَالُوا: نَفْعَلُ.
فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ نَاسٌ مِنْ تُجَّارِهِمْ، فَبَعَثُوا إِلَيَّ أَنَّهُ قَدْ قَدِمَ عَلَيْنَا تُجَّارٌ مِنْ تُجَّارِنَا، فَبَعَثْتُ إِلَيْهِمْ إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الْخُرُوجَ فَآذِنُونِي بِهِمْ.
قَالُوا: نَفْعَلُ.
فَلَمَّا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّحِيلَ بَعَثُوا إِلَيَّ بِذَلِكَ.
فَطَرَحْتُ الْحَدِيدَ الَّذِي فِي رِجْلِي وَلَحِقْتُ بِهِمْ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا، قُلْتُ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: الأَسْقُفُّ صَاحِبُ الْكَنِيسَةِ.
فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِي كَنِيسَتِكَ، وَأَعْبُدُ اللَّهَ فِيهَا مَعَكَ، وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ الْخَيْرَ.
قَالَ: فَكُنْ مَعِي.
قَالَ: فَكُنْتُ مَعَهُ، وَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ، كَانَ يَأْمُرُهْم بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا، فَإِذَا جَمَعُوهَا إِلَيْهِ اكْتَنَزَهَا وَلَمْ يُعْطِهَا الْمَسَاكِينَ.
فَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ، فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ، فَلَمَّا جَاءُوا لِيَدْفِنُوهُ، قُلْتُ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا رَجُلُ سُوءٍ كَانَ يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا، حَتَّى إِذَا جَمَعْتُمُوهَا إِلَيْهِ اكْتَنَزَهَا إِلَيْهِ وَلَمْ يُعْطِهَا الْمَسَاكِينَ، فَقَالُوا: وَمَا عَلامَةُ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: أَنَا أُخْرِجُ إِلَيْكُمْ كَنْزَهُ.
فَقَالُوا: فَهَاتِهِ.
فَأَخْرَجْتُ لَهُمْ سَبْعَ قِلالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا: وَاللَّهِ لا يُدْفَنُ أَبَدًا، فَصَلَبُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ، وَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ، وَجَاءُوا بِرَجُلٍ آخَرَ فَجَعَلُوهُ مَكَانَهُ، فَلا وَاللَّهِ يَابْنَ عَبَّاسٍ، مَا رَأَيْتُ رَجُلا قَطُّ لا يُصَلِّي الْخُمْسَ أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَأَشَدَّ اجْتِهَادًا، وَلا أَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا، وَلا أَدْأَبَ لَيْلا وَنَهَارًا مِنْهُ، مَا أَعْلَمُنِي أَحْبَبْتُ شَيْئًا قَطُّ قَبْلَهُ حُبَّهُ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَقُلْتُ: يَا فُلانُ قَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَحْبَبْتُ شَيْئًا قَطُّ حُبَّكَ، فَمَاذَا تَأْمُرُنِي؟ وَإِلَى مَنْ تُوصِينِي؟ فَقَالَ لِي: أَيْ بُنَيَّ، وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ إِلا رَجُلا بِالْمَوْصِلِ فَأْتِهِ فَإِنَّكَ سَتَجِدُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِي،
1 / 512