============================================================
ذكر عاد نسرا فاختار لقمان بقاء النسور فنودي فقد أعطيت ذلك وقيل لقيل بن عنز اختر لنفسك قال: أريد أن يصيبني ما أصاب قومي فقيل له: إنه الهلاك قال: لا أبالي ولا حاجة لي في البقاء بعدهم ثم إنهم رجعوا وتوجهوا إلى شعب الذي هلكت فيه عاد وفارقهم لقمان بن عاد وكذلك مرئد بن سعد فأما قيل وأصحابه لما دخلوا الشعب قام لقيم بن هزال خطيبا فقال: يا قوم قد طاب لنا الموت وليس بعد قومنا بقاء مزيدة فأمسكوا عن الطعام والشراب فبعث الله عليهم الريح حتى أهلكتهم وانقضت على قيل بن عنز صخرة من الجبل فأهلكته ويقال: إن مرثد بن سعد كان معهم حين هلكوا فأخذ رواحلهم وأمتعتهم ولحق بهود وأخبره خبرهم فحمد المؤمنين ربهم وقال رجل من المسلمين في ذلك شعرا: لو آن عاذا سمعت من هود واتبعوا طريقة الرشيد ين دعا بالوعد والوعيد عاذا وبالتقريب والتبعيد ما أصحت عاشرة الجدود(1) صرغا على الأنف والخدود ساقطة الأجساد بالوصيد أحدوئة للأيد الأبيد وقد قال من بتي من المسلمين من عاد أشعارا كثيرة وهي موجودة في كتب التواريخ لم نكتبها وأما لقمان بن عاد فإنه كان يأخذ الفرح من النسور حتى يدركه الهرم فيموت ثم يأخذ آخره كان النسر يعيش ثمانين سنة حتى كان آخر نسور سماه لبذا ولبدا الدهر بلغتهم فقال له ابن أخ له يا عم لم يبق من عمرك إلا عمر هذا النسر، فقال لقمان: يا ابن أخ إنه لبذ وهو الدهر، فلما أسن نسر لقمان طارت النسور غداة من رأس الجبل ولم ينهض معها لبد وكانت نسور لقمان لا تغيب عنه، فقام لقمان لينظر ما فعل نسره لبد فوجد في نفسه وهنا لم يكن يجده قبل ذلك، ورأى نسره واقعا فناداه انهض لبد فذهب ينهض قلم يستمع فسقط فمات ومات لقمان معه. وكان قوم من عاد عند أصهار لهم من ثمود بوادي القرى فانصرف إليهم بعض الريح فأهلكتهم بوادي العيص (2) وروي أن عبد الله بن جدعان التيمي من قريش وأبا سفيان بن حرب أقبلا في الجاهلية من الشام حتى انتهى إلى واد العيص في ركب معهم لقيهم رجل من بقية عاد فقال لهم: أطعموني فأطعموه فجعل يلف ما يطممونه لفا قال: احملوني فحمله عبد الله بن جدعان على بعير فجعل يمسح ركبتيه الأرض فلما انتهوا إلى وادي العيص قال لعبد الله بن جدعان إنك (1) الجدود: النعجة التي قل لبنها.
(2) وادي العيص: بالكسر ثم السكون، وآخره صاد مهملة، وهو موضع في بلاد بني سليم به ماء ياقوت الحموي، معجم البلدان 173/4.
Page 57