بدرٌ يزيد كمالًا - منَ النجوم تولَّدْ - ذو همَّةٍ غارَ منها - حدُّ الحُسام المجرَّدْ أَما ترى السيف منها - في جفنهِ بات مُغمدْ - ولطفهُ في البرايا - ممَّا فشا وتأكدْ حَّتى غدا كلُّ شخصٍ - بهِ يقرُّ ويشهدْ - كأنهُ من نسيم القَبُول بات مجسَّدْ أَما ترى وَرْد خدّ الرياض منهُ تورَّدْ - والبحر لَّما رآهُ - يجودُ أرغى وأزبدْ والدهر بات غلامًا - لمن عليهِ تردَدْ - فتىً بهِ أبيضَّ حظّي - من بعد ما كان أسودْ يا سّيدي عش سعيدًا - فإنَّ جدَّك أسعدْ - وسوف ترقى لأوجٍ - من الكواكب أبعدْ فأحفظ بشارة عدلٍ - بها الفراسةُ تشهدْ - وأسلمْ ودم في سرورٍ - ما طائر الصبح غرَّدْ ومن مراثي السيد أحمد البربير قوله في الأمير منصور الشهابي لما توفي سنة ١١٨١هـ (١٧٦٧م):
سقا هذا الضريحَ سحابُ فضلٍ ... وعمَّم بالرضى مَنْ في ثراهُ
أميرًا كان في الدنيا شهابًا ... ومنصورًا على قومٍ عصاهُ
فإن يكُ من عيوني قد توارى ... فحسبي أنَّ قلبي قد حواهُ
فلماَّ سار للفردوس فورًا ... وقرَّبهُ المهيمن واصطفاهُ
أَتى تاريخهُ في بيت شعر ... يودُّ البدرُ إن يُعطى سناهُ
فمهملهُ ومعجمهُ وكلٌّ ... من الشطرين تاريخًا تراهُ
شهابُ الرحمة المولى عليهِ ... هوى للترب بدرٌ من رُباهُ
وكان لأحمد البربير تلامذة أخذوا عنه أخصهم السيد عبد اللطيف بن علي المكنى بفتح الله المفتي البيروتي الحنفي وكان شاعرًا إلا إن شعره مفقود. ومما يروى عنه قوله يمدح ميخائيل البحري لما جاء بيروت في أيام الجزار:
ولَّما أَتى البحريُّ بيروتَ زائرًا ... إلينا فكم أَهدى عقودًا من الشعرِ
فلا بدعَ أنْ أُهدي لهُ الدرَّ ناظمًا ... فناهيكَ أنَّ الدرّ يبدو من البحرِ
فأجابه البحري بأبيات رويناها في المشرق (٣ (١٩٠٠): ١٧ - ١٨) . ومن الشعراء المسلمين الذين نظموا الشعر الجيد في أوائل القرن التاسع عشر الشيخ الوفاء قطب الدين عمر أبن محمد البكري الدمياطي الأصل واليافي المولد ولد سنة ١١٧٣هـ (١٧٥٩ م) في يافا ودرس على مشاهير شيوخ زمانه في وطنه ورحل إلى مصر وأخذ عن أئمتها. ثم عاد إلى غزة وتجول في أنحاء الشام والحجاز وتوفي في دمشق في غزة ذي الحجة سنة ١٢٣٣ (١٨١٨ م) وقد رثاه شاعر زمانه الذي نترجمه في أوانه الشيخ أمين الجندي بقصيدة رنانة أولها:
قِسيُّ المنايا ما لأَسهُمها ردُّ ... فما حيلتي والصبرُ قد دكَّهُ البُعدُ
1 / 27