وللكتبة النصارى في هذه الأثناء بعض التواريخ يترتب علينا ذكر أصحابها. وأول من اشتهر في ذلك القس حنانيا المنير أحد رهبان الرهبانية الحناوية الشويرية. ولد المذكور في زوق مصبح سنة ١٧٥٧ وترهب سنة ١٧٧٤. أما بقية أخباره في الرهبانية فلا نعلم منها شيئًا كما إننا نجهل سنة وفاته. ومما يظهر من مآثره ومصنفاته أنه كان رجلًا أدبيًا كثير الإطلاع سليم الذوق نشيطًا في جمع الآثار والأخبار عارفًا بفنون الكتابة يحسن النثر والشعر. وكان ذلك نادرًا في زمانه. وقد نعت نفسه في كتابٍ له عن الدروز بالطبيب ما يدل على أنه كان يتعاطى الطب. أما أخص تآليفه فتاريخان الأول مدني سبق لنا وصفه في المشرق (٤ (١٩٠١): ٤٢٧ و٩٧٢) وهو تاريخ (الدر المرصوف في حوادث الشوف) أثبتنا منه مقدمته وبعض فقراته: وهذا التأليف يتناول الوقائع التي جرت في لبنان من السنة ١١٠٩ هـ. (١٦٩٧ م) عند ظهور الأمراء الشهابيين إلى السنة ١٢٢٢ هـ (١٨٠٧ م) وهو يتسع خصوصًا في حوادث الجبل والساحل في الأربعين السنة الأخيرة. ومن هذا التأليف قد استفاد الأمير حيدر أحمد الشهابي في تاريخه الشهير المعروف بالغرر الحسان في تاريخ حوادث الزمان والشيخ طنوس الشدياق في كتاب الأعيان في جبل لبنان أما التاريخ الثاني ديني قد جمع فيه المؤلف أخبار الرهبانية الحناوية منذ أواسط القرن الثامن عشر إلى نهاية السنة ١٢١٩ هـ (١٨٠٤ م) ولعله استفاد من تاريخ آخر لأحد اخوته الرهبان المدعو رفائيل كرامة الحمصي (راجع دواني القطوف ص ٢٠١) . وليس هذا التاريخ كله دينيًا فإن فيه أيضًا أمورًا عديدة تختص بأخبار الأمراء وأحوال لبنان وبلاد الشام والقطر المصري. والكتاب عبارة عن ٢٠٠ صفحة تقريبًا وكلا التاريخين نادر قد أمكنا الحصول على نسخة منهما فاستنسخناهما لمكتبتنا الشرقية. ولابن المنير ما خلا ذلك تآليف شعرية وأدبية نذكرها في باب الأدب
واشتهر أيضًا في التاريخ من نصارى الملكيين الكاثوليك رجلان من بيت الصباغ كانا حفيدين لإبراهيم الصباغ طبيب ظاهر العمر (أطلب المشرق ٨ (١٩٠٥): ٢٦) اسم أحدهما عبود بن نقولا بن إبرهيم والآخر ميخائيل. وكان أهلهما بعد وفاة جدهما إبراهيم سنة ١٧٧٦ هربوا إلى مصر حيث نشأ الولدان وتخرجا بالآداب على أساتذة القطر
1 / 22