إبراهيم ونشأ إبراهيم في زمان نمرود الجبار، فلما خرج من المغارة التي كان فيها قلب طرفه في السماء، فنظر إلى الزهرة، فرأى كوكبا مضيئا، فقال: هذا ربي، فإن له علوا وارتفاعا، ثم غاب الكوكب، فقال: إن ربي لا يغيب، ثم رأى القمر لما طلع، فقال: هذا ربي، فلم يلبث أن غاب القمر، فقال:
لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين، فلما جاء النهار طلعت الشمس، فقال: هذا ربي، هذا أنور وأضوأ، فلما غابت الشمس قال: غابت، وربي لا يغيب، كما قص الله خبره وأمره، فلما كملت سنه جعل يعجب إذ رأى قومه يعبدون الأصنام، ويقول: أتعبدون ما تنحتون؟ فيقولون: أبوك علمنا هذا. فيقول: إن أبي لمن الضالين! فظهر قوله في قومه، وتحدث الناس به، وأرسله الله نبيا، وبعث إليه جبريل، فعلمه دينه، فجعل يقول لقومه: إني برئ مما تشركون.
وبلغ خبره نمرود، فأرسل إليه فيها، ثم جعل إبراهيم يكسر أصنامهم، فيقول: ادفعي عن نفسك، فألهب نمرود نارا ووضعه في منجنيق ورمى به فيها، فأوحى الله إليها: أن كوني بردا وسلاما على إبراهيم، فجلس وسط النار ما تضره، فقال نمرود: من اتخذ إلها، فليتخذه مثل إله إبراهيم، فأمن معه لوط، وكان لوط ابن أخيه خاران بن تارخ.
وأمر الله، عز وجل، إبراهيم أن يخرج من بلاد نمرود إلى الشأم الأرض المقدسة، فخرج إبراهيم وامرأته سارة بنت خاران بن ناحور عمه، ولوط ابن خاران، مهاجرين حيث أمرهم الله، فنزلوا أرض فلسطين، وكثر ماله ومال لوط، فقال إبراهيم للوط: إن الله قد كثر لنا مالنا وماشيتنا، فانتقل منا
Page 24