وأهلك الله يزيد بن معاوية في تلك السنة فبويع لابنه معاوية بن يزيد فصعد المنبر وقال بعد الحمد والثناء والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( أيها الناس إنا بلينابكم وبليتم بنا فما تحصل كرامتكم لنا بضغنكم علينا ألا وإن جدي معاوية بن أبي سفيان نازع الأمر من كان أولى به منه في القرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحق في الإسلام سابق المسلمين وأول المؤمنين وابن عم رسول رب العالمين، وأبا بقية خاتم النبيين، فركب منكم ما تعلمون وركبتم منه مالا تنكرون حتى أتته منيته، فصار رهينا بعمله، ثم قلد الأمر أبي وكان غير خليق بالخير، فركب هواه، واستحسن خطاه، وعظم رجاه، فأخلفه الأمل ، وقصر عنه الأجل، فقلت منعته، وانقطعت مدته، فصار في حفرته رهينا بذنبه، وأسيرا بجرمه، والله لأسفنا له أعظم من أسفنا عليه، ثم بكى وقال: (( إن أعظم الأمر علينا علمنا بسوء مصرعه، وقبح منقلبه، وقد قتل عترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأباح الحرمة، وحرق الكعبة، وما أنا المتقلد أموركم، ولا المتحمل بيعتكم، فشأنكم وأمركم، فوالله لئن كانت الدنيا مغنما لقد نلنا منها حظنا، وإن تكن شرا فحسب آل ابي سفيان ما أصابوا منها.. )) (1). فسمه بنو أمية بعد أربعين يوما من خلافته وعمره ثلاث وعشرون سنة.
وسلط الله على قاتلي الحسين المختار بن أبي عبيد الثقفي داعية التوابين من طالبي ثأر الحسين(ع) وكالهم بنفس المكيال ولم يبق احد شارك في قتل الحسين (ع) إلا قتل، وانتقم منهم شر انتقام فقتل عبدالله بن زياد وأحرقه، وقتل شمر بن ذي الجوشن والقيت أشلاؤه للكلاب، وقتل عمر بن سعد ونصبت رأسه، ولم ينج الحصين بن نمير ولا خولي بن يزيد. ولم يبق أحد اشترك في كربلاء إلا أخذ جزاءه.
Page 71