ولم يصب أحد بمثل ما أصيبت. ومع ذلك وقفت صامدة تنتظر الموقف بعد المعركة وشاهدت الرؤوس مرفوعة على الرماح، والجثث ملقاة على الأرض، والنساء حواسر فصاحت زينب(ع): (( يا محمداه! هذا الحسين على العراء، وبناتك سبايا، وذريتك مقتلة قضى عليها الصباء )). ثم كان لها موقفها البطولي مع ابن زياد، وكذلك مع يزيد عندما أخذ يلعب برأس الحسين عليه السلام وهددته بخطبة بليغة قالت في أجزاء منها: (( أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله سبايا وقد هتكت ستورهن وأبديت وجوههن يحدى بهن من بلد إلى بلد.. )) إلى أن تقول: (( فوالله ما فريت إلا جلدك، ولا حززت إلا لحمك، وسترد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما تحملت من سفك دماء ذريته، وانتهكت من عترته في حرمته ولحمته، لنخصمنك حيث يجمع الله شملهم، ويلم شعثهم، ويأخذ لهم بحقهم، ولا تحسبن الدين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين وحسبك بالله حكما، وبمحمد خصيما، وبجبريل ظهيرا (1) إلى آخر الخطبة وبقيت زينب (ع) طوال حياتها تقدم ضروبا وألوانا من التضحية والفداء.
عاقبة الظالمين
واصل الأمويون سياستهم المبنية على الكبت والإرهاب وفي سنة ثلاث وستين أغار جيش يزيد بقيادة مسلم بن عقبة المري على المدينة واستباحوها لمدة ثلاثة أيام وجعل الناس يبايعون يزيد على أنهم عبيد له يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ما شاء فمن امتنع من ذلك قتله (2) .
قال ابن كثير في تاريخه: (( ووقعوا على النساء حتى قيل أنه حبلت ألف امرأة في تلك الأيام من غير زوج )).
وسئل الزهري كم كان القتلى يوم الحرة، قال: (( سبعمائة من وجوه الناس من المهاجرين والأنصار ووجوه الموالي، ومن لا أعرف من حر وعبد وغيرهم عشرة آلاف.
Page 70