L'éducation et l'enseignement en Islam
التربية والتعليم في الإسلام
Genres
172 (2-4) طلاب المدارس وآدابهم
أخذ أهل الورع والخلق من طالبي العلم يقيدون أنفسهم بقيود وآراء يفرضونها على أنفسهم لئلا يخسروا في الدنيا والآخرة؛ فمن تلك القيود والآداب أن ينتخب الطالب المدرسة التي يريد أن يدخل فيها، وقد عقد المربي ابن جماعة في الباب الخامس من كتابه التربوي النفيس «تذكرة السامع» أحد عشر فصلا بين فيها تلك الشروط والآداب، نورد إليك خلاصتها فيما يلي:
173 (1)
أن ينتخب لنفسه من المدارس بقدر الإمكان ما كان واقفه أقرب إلى الورع وأبعد من البدع؛ بحيث يغلب على ظنه أن المدرسة ووقفها من جهة حلال. ومهما أمكن التنزه عما أنشأه الملوك الذين لا يعلم حالهم في بنائها ووقفها فهو أولى. وأما من علم حاله فالإنسان على بينة من أمره مع أنه قل أن يخلو جميع أعوانهم عن ظلم أو عسف. (2)
أن يكون المدرس فيها ذا رياسة وعقل ومهابة وجلالة وناموس وعدالة، ومحبة في الفضلاء وعطف على الضعفاء، يقرب المحصلين ويرغب المشتغلين ويبعد اللعابين وينصف البحاثين، حريصا على النفع مواظبا على الإفادة. وينبغي للمدرس الساكن بالمدرسة أن لا يكثر الخروج من غير حاجة؛ فإن كثرة ذلك تسقط حرمته من العيون، ويواظب على الصلاة في الجماعة فيها ليقتدي به أهلها، وينبغي أن يجلس في كل وقت معين ليقابل مع الجماعة الذين يطالعون دروسه من كتبهم، ويصححونها ويضبطون مشكلها ولغاتها واختلاف النسخ في بعض المواضع وأولاها بالصحة، ليكونوا في مطالعتها على يقين فلا يضيع فكرهم ويتعب. وإذا اشترط الواقف استعراض المحفوظ كل شهر أو كل فصل على الجميع حقق قدر العرض على من له أهلية البحث والفكر والمطالعة والمناظرة؛ لأن الجمود على يقين المسطور يشغل عن الفكر الذي هو أم التحصيل، وأما المبتدئون والمنتهون فيطالب كلا منهم على ما يليق بحاله. (3)
أن يتعرف شروط الواقف ليقوم بحقوق المدرسة ويستحق معلوم الراتب بحق. ومهما أمكنه التنزه عن معلوم المدارس فهو أولى، لا سيما في المدارس التي ضيق في شروطها، فإن كان تحصيله البلغة يضيع رفاقه ويعطفه عن تمام الاشتغال أو لم يكن له حرفة أخرى تحصل بلغته وبلغة عياله فلا بأس بالاستعانة بذلك، ولكن يتحرى القيام بجميع شروطها ويحاسب نفسه على ذلك. (4)
إذا حصر الواقف أمر سكنى المدرسة على المرتبين بها لم يسكن غيرهم فيها، وإن لم يحصر ذلك فلا بأس إن سكن فيها من كان أهلا، وإذا سكن فيها غير المرتب وجب عليه أن يكرم أهلها من المرتبين ويقدمهم على نفسه، ويحضر دروسها ولا يرفع صوته بقراءة أو تكرار رفعا منكرا، أو يغلق بابه أو يفتحه بصورة شديدة ونحو ذلك. (5)
أن لا يشتغل فيها بالمعاشرات والصحبة وما إلى ذلك، بل يقبل على الدرس. واللبيب المحصل من يجعل المدرسة منزلا يقضي وطره فيه ثم يرتحل عنه، وإن عاشر من يعينه على تحصيل مقاصده ممن يوثق بأمانته فلا بأس بذلك، وليكن له أنفة من عدم ظهور الفضيلة مع طول المقام فيها، وليطالب نفسه كل يوم باستنارة علم جديد ويحاسب نفسه على ما حصله ليكون مرتبه حلالا ، فإن المدارس وأوقافها لم تجعل لمجرد المقام والعشرة ولا لمجرد التعبد والصلاة كالخوانق، والعاقل يعلم أن أبرك الأيام عليه يوم يزاد فيه علما. (6)
أن يكرم أهل المدرسة التي يسكنها بإفشاء السلام وإظهار المودة والاحترام، فإن لم يستقر خاطره بينهم فليرتحل عنهم، وإذا استقر خاطره فلا ينتقل من غير حاجة؛ فإن ذلك مكروه للمبتدئين جدا، وأشد منه كراهية تنقل الأطفال من كتاب إلى كتاب؛ فإنه علامة على الضجر واللعب وعدم الصلاح. (7)
أن يختار لجواره أصلح الطلاب حالا وأكثرهم اشتغالا، والمساكن العالية في المدارس لمن لا يضعف عن الصعود أولى. وقد قال الخطيب البغدادي: إن الغرف أولى بالحفظ، أما الضعيف أو من يقصد للفتيا والاشتغال عليه فالمساكن السفلية أولى بهم. والمراقي التي تقرب من الباب أو الدهليز أولى بالموثوق بهم، والمراقي الداخلية أولى بالمجهولين. (8)
Page inconnue