L'illumination de Miqbas
تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Lieu d'édition
لبنان
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا المجادلة وهى كلهَا مَدَنِيَّة غير قَوْله ﴿مَا يكون من نجوى ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ رابعهم﴾ فانها مَكِّيَّة آياتها اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ وكلماتها أَرْبَعمِائَة وَثَلَاثَة وَسَبْعُونَ وحروفها ألف وَتِسْعمِائَة وَاثْنَانِ وَتسْعُونَ
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿قَدْ سَمِعَ الله﴾ يَقُول قد سمع الله قبل أَن أخْبرك يَا مُحَمَّد ﴿قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ﴾ تخاصمك وتكلمك ﴿فِي زَوْجِهَا﴾ فِي شَأْن زَوجهَا ﴿وتشتكي إِلَى الله﴾ تتضرع إِلَى الله تَعَالَى لتبيان أمرهَا ﴿وَالله يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ﴾ محاورتكما ومراجعتكما ﴿إِنَّ الله سَمِيعٌ﴾ لمقالتها ﴿بَصِيرٌ﴾ بأمرها وَذَلِكَ أَن خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة بن مَالك ابْن الدخشم الْأَنْصَارِيَّة كَانَت تَحت أَوْس بن الصَّامِت الْأنْصَارِيّ وَكَانَ بِهِ لمَم أَي مس من الْجِنّ فَأَرَادَ أَن يَأْتِيهَا على حَال لَا تُؤْتى عَلَيْهَا النِّسَاء فَأَبت عَلَيْهِ فَغَضب وَقَالَ إِن خرجت من الْبَيْت قبل أَن أفعل بك فَأَنت عَليّ كَظهر أُمِّي
﴿الَّذين يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ﴾ وَهُوَ أَن يَقُول الرجل لامْرَأَته أَنْت عليَّ كَظهر أُمِّي ﴿مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ﴾ كأمهاتهم ﴿إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ مَا أمهاتهم فِي الْحُرْمَة ﴿إِلاَّ اللائي وَلَدْنَهُمْ﴾ أَو أرضعنهم ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا﴾ قبيحًا ﴿مِّنَ القَوْل﴾ فِي الظِّهَار ﴿وَزُورًا﴾ كذبا ﴿وَإِنَّ الله لَعَفُوٌّ﴾ متجاوز إِذْ لم يُعَاقِبهُ بِتَحْرِيم مَا أحل الله لَهُ ﴿غَفُورٌ﴾ بعد تَوْبَته وندامته
ثمَّ بَين كَفَّارَة الظِّهَار فَقَالَ ﴿وَالَّذين يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ﴾ يحرمُونَ على أنفسهم مناكحة نِسَائِهِم ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ﴾ يرجعُونَ إِلَى تَحْلِيل مَا حرمُوا على أنفسهم من المناكحة ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ فَعَلَيهِ تَحْرِير رَقَبَة ﴿مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا﴾ يجامعا ﴿ذَلِكُم﴾ التَّحْرِير ﴿تُوعَظُونَ بِهِ﴾ تؤمرون بِهِ لكفارة الظِّهَار ﴿وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ فِي الظِّهَار من الْكَفَّارَة وَغَيرهَا ﴿خَبِيرٌ﴾
﴿فَمَن لَّمْ يَجِدْ﴾ التَّحْرِير ﴿فَصِيَامُ﴾ فصوم ﴿شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ متصلين ﴿مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا﴾ يجامعا ﴿فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ﴾ الصّيام من ضعفه ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ لكل مِسْكين نصف صَاع من حِنْطَة أَو صَاع من شعير أَو تمر ﴿ذَلِك﴾ الَّذِي بيّنت من كَفَّارَة الظِّهَار ﴿لِتُؤْمِنُواْ بِاللَّه وَرَسُولِهِ﴾ لكَي تقروا بفرائض الله وَسنة رَسُوله ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ الله﴾ هَذِه أَحْكَام الله وفرائضه فِي الظِّهَار ﴿وَلِلْكَافِرِينَ﴾ بحدود الله ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ وجيع يخلص وَجَعه إِلَى قُلُوبهم نزل من أول السُّورَة إِلَى هَهُنَا فِي خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة بن مَالك الْأَنْصَارِيَّة وَزوجهَا أَوْس بن الصَّامِت أخي عبَادَة بن الصَّامِت غضب عَلَيْهَا فِي بعض شَيْء من أمرهَا فَلم تفعل فَجَعلهَا على نَفسه كَظهر أمه فندم على ذَلِك فَبين الله لَهُ كَفَّارَة الظِّهَار وَقَالَ لَهُ رَسُول الله ﷺ أعتق رَقَبَة فَقَالَ المَال قَلِيل والرقبة غَالِيَة فَقَالَ صم شَهْرَيْن مُتَتَابعين فَقَالَ لَا أَسْتَطِيع وَإِنِّي إِن لم آكل فِي الْيَوْم مرّة ومرتين كل بَصرِي وَخفت أَن أَمُوت فَقَالَ لَهُ النبى ﷺ أطْعم سِتِّينَ مِسْكينا فَقَالَ لَا أجد فَأمر النبى من التَّمْر وَأمره أَن يَدْفَعهُ للْمَسَاكِين فَقَالَ لَا أعلم أحدا بَين لابتي الْمَدِينَة أحْوج إِلَيْهِ مني فَأمره بِأَكْلِهِ وَأطْعم سِتِّينَ مِسْكينا فَرجع إِلَى تَحْلِيل مَا حرم على نَفسه أَعَانَهُ على ذَلِك النبى ﷺ وَرجل آخر
﴿إِنَّ الَّذين يُحَآدُّونَ الله وَرَسُولَهُ﴾ يخالفون الله وَرَسُوله فِي الدّين ويعادونه ﴿كُبِتُواْ﴾ عذبُوا وأخزوا يَوْم الخَنْدَق بِالْقَتْلِ والهزيمة وهم أهل مَكَّة ﴿كَمَا كُبِتَ﴾ عذب وأخزى ﴿الَّذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ يَعْنِي الَّذين قَاتلُوا الْأَنْبِيَاء قبل أهل مَكَّة ﴿وَقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ جِبْرِيل بآيَات مبينات بِالْأَمر والنهى
1 / 460