Introduction à l'histoire de la philosophie islamique
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
Genres
واقتفى صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي
21
في كتاب «الأسفار الأربعة» أثر الشيخ الرئيس في هذا التعريف فقال: «اعلم أن الفلسفة استكمال النفس الإنسانية بمعرفة حقائق الموجودات على ما هي عليها، والحكم بوجودها تحقيقا بالبراهين لا أخذا بالظن والتقليد بقدر الوسع الإنساني، وإن شئت قلت نظم العالم نظما عقليا على حسب الطاقة البشرية؛ ليحصل التشبه بالباري تعالى.»
22
ثم إن ابن سينا لم يعرض للمنطق في أقسام الحكمة، وعرض لصلة كل من الحكمة العملية، والحكمة النظرية بالدين ببيان لم يرد في كلام من سبقوه.
ويقول ابن سينا في «رسالة في أقسام العلوم العقلية»: «فصل في ماهية الحكمة: الحكمة صناعة نظر يستفيد منها الإنسان تحصيل ما عليه الوجود كله في نفسه، وما الواجب عليه عمله مما ينبغي أن يكتسب فعله، لتشرف بذلك نفسه وتستكمل وتصير عالما معقولا مضاهيا للعالم الموجود، وتستعد للسعادة القصوى بالآخرة، وذلك بحسب الطاقة الإنسانية.
فصل في أول أقسام الحكمة الحكمة: تنقسم إلى قسم نظري مجرد وقسم عملي، والقسم النظري هو الذي الغاية فيه حصول الاعتقاد اليقيني بحال الموجودات التي لا يتعلق وجودها بفعل الإنسان، ويكون المقصود إنما هو حصول رأي فقط مثل علم التوحيد وعلم الهيئة، والقسم العملي هو الذي ليس الغاية فيه حصول الاعتقاد اليقيني بالموجودات، بل ربما يكون المقصود فيه حصول صحة رأي في أمر يحصل بكسب الإنسان؛ ليكتسب ما هو الخير منه؛ فلا يكون المقصود حصول رأي فقط، بل حصول رأي لأجل عمل، فغاية النظري هو الحق، وغاية العملي هو الخير.
فصل في أقسام الحكمة النظرية: أقسام الحكمة النظرية ثلاثة: العلم الأسفل، ويسمى العلم الطبيعي، والعلم الأوسط، ويسمى العلم الرياضي، والعلم الأعلى، ويسمى العلم الإلهي، وإنما كانت أقسامه هذه الأقسام لأن الأمور التي يبحث عنها إما أن تكون أمورا حدودها ووجودها متعلقان بالمادة الجسمانية والحركة مثل: أجرام الفلك والعناصر الأربعة وما يتكون منها، وما يوجد من الأحوال خاصا بها مثل الحركة والسكون والتغير والاستحالة والكون والفساد والنشوء
23
والبلى، والقوى والكيفيات التي تصدر عنها هذه الأحوال وسائر ما يشبهها، فهذا قسم. وإما أن تكون أمورا وجودها متعلق بالمادة والحركة، وحدودها غير متعلقة بهما، مثل التربيع والتدوير والكرية والمخروطية، ومثل العدد وخواصه، فإنك تفهم الكرة من غير أن تحتاج في تفهمها إلى فهم أنها من خشب أو ذهب أو فضة، ولا تفهم الإنسان إلا وتحتاج إلى أن تفهم أن صورته من لحم وعظم، وكذلك تفهم التقعير من غير حاجة إلى فهم الشيء الذي فيه التقعير، ولا تفهم الفطوسة إلا مع حاجة إلى فهم الشيء الذي فيه الفطوسة. ومع هذا كله فالتدوير والتربيع والتقعير والاحدايداب لا توجد إلا فيما يحملها من الأجرام الواقعة في الحركة، فهذا قسم ثان، وإما أن تكون أمورا لا وجودها ولا حدودها مفتقرين إلى المادة والحركة، أما من الذوات فمثل ذات الأحد الحق رب العالمين، وأما من الصفات فمثل الهوية والوحدة والكثرة، والعلة والمعلول، والجزئية والكلية، والتمامية والنقصان، وما أشبه هذه المعاني، ولما كانت الموجودات على هذه الأقسام الثلاثة كانت العلوم النظرية بحسبها على أقسام ثلاثة، والعلم الخاص بالقسم الأول يسمى طبيعيا، والعلم الخاص بالقسم الثاني يسمى رياضيا، والعلم الخاص بالقسم الثالث يسمى إلهيا.
Page inconnue