وفضيلة القول الشعرى العفيفى أن يكون مؤلفا من الأسماء المستولية ومن تلك الأنواع الأخر، ويكون الشاعر حيث يريد الإيضاح يأتى بالأسماء المستولية؛ وحيث يريد التعجيب والإلذاذ يأتى بالصنف الآخر من الأسماء. ولذلك قد يتضاحك بمن يريد الإيضاح فيأتى بالأسماء المشتركة أو الغريبة أو الألسن أو المعمولات. ويتضاحك أيضا بمن يريد التعجيب والإلذاذ فيأتى بالأسماء المبتذلة. وكأن الشاعر يجب له ألا يفرط فى استعمال الأسماء الغير مستولية فيخرج إلى حد الرمز، ولا أيضا يفرط فى الأسماء المستولية فيخرج عن طريقة الشعر إلى الكلام المتعارف.
قال: وأما موافقة الألفاظ بعضها لبعض فى المقدار ومعادلة المعانى بعضها لبعض وموازنتها، فأمر يجب أن يكون عاما ومشتركا لجميع الألفاظ التى هى أجزاء القول الشعرى. وذلك أنا نجد الشعراء، وإن استعملوا الألفاظ الحقيقية فى المواضع التى يهزأ بهم فى استعمالهم إياها، ليس يخلوا شعرهم من هذين الأمرين، أعنى من الموازنة والموافقة فى المقدار. ولكن كان هذا عاما لجميع أنواع الشعر. وأما الأشعار التى تأتلف من الأسماء المختلفة فوجود هذا المعنى فيها أبين. وموافقة الألفاظ التى ذكر فى المقدار هى مقارنة بعضها لبعض فى عدد الحروف. وإن وافقت مع هذا فى كل اللفظ، أو فى بعض اللفظ، فهو الذى يعرف بالمطابقة والمجانسة عند أهل زماننا. والموافقة أنحاء. وذلك أنه لا تخلو الموافقة أن تكون فى كل اللفظ وكل المعنى، وهذا مثل قول الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شىء
Page 239