وإذا كانت المقدمتان المأخوذتان في هذا الشكل كلناهما جزئية أو مهملة أو إحداهما مهملة والثانية جزئية، فأنه لا يكون من ذلك قياس موجبتان كانتا معا أو سالبتان معا أو إحداهما موجبة والأخرى سالبة وذلك بين من أنه ليس يوجد فيها معنى المقول على الكل. إذ كان ذلك يقتضي شرطين، أحدهما أن تكون الكبرى كلية كيفما كانت في كيفيتها- أعني موجبة أو سالبة- وأن تكون الصغرى موجبة ولا بد كيفما كانت في كميتها- أعني كلية أو جزئية. وقد تبين أنه غير منتج من الحدود التي تنتج المتضادات في جميع هذه التأليفات. والحدود العامة لها أما فيما ينتج الموجب الكلي، فالحي والأبيض والإنسان- أعني أن يكون الحي هو الطرف الأعظم والأبيض الأوسط والإنسان الأصغر وذلك أنك تجد في هذه الحدود جميع أصناف تلك التأليفات وكلها ينتج موجبا. وذلك أن بعض الإنسان أبيض وبعض الأبيض حي وبعض الإنسان ليس بأبيض وبعض الأبيض ليس بحي. وكلها يلزم عنها أن الإنسان حي. وأما الحدود العامة لها التي ينتج فيها السالب الكلي، فالحي والأبيض والحجر- أعني أن يكون الحي هو الأكبر والأبيض الأوسط والأصفر والحجر.
فقد تبن المنتج في هذا الشكل من غير المنتج، وأن النتج منها أربعة فقط- وهو الذي يكون من موجبتين كليتين، ومن موجبة كلية كبرى وموجبة جزئية صغرى، ومن كلية سالبة كبرى وجزئية موجبة صغرى، ومن كلية سالبة كبرى وكلية موجبة صغرى- وأنه ينتج جميع أصناف القضايا- أعني أنه ينتج موجبة كلية وموجبة جزئية وسالبة كلية وسالبة جزئية- وأن المقاييس المنتجة في هذا الشكل كاملة، ولذلك سمي بالشكل الأول.
وما ظن القدماء من أن الثلاثة الأصناف التي في هذا الشكل قد تنتج نتيجتين- أعني أن الصنف الذي ينتج السالبة الكلية قد ينتج عكسها وكذلك الذي ينتج الموجبة الجزئية والذي ينتج الموجبة الجزئية والذي ينتج الموجبة الكلية أعني أنهما ينتجان أيضا عكسيهما وهي موجبة جزئية- فذلك جهل بغرض أرسطو هاهنا وذلك أن أرسطو إنما قصد أن يعدد هاهنا أصناف النتائج الموجودة بالذات وأولا للمقاييس الطبيعية، لا الموجودة بالقصد الثاني وعلى غير مجرى الطبع القياسي.
القول في الشكل الثاني
وأما متى حمل الحد الأوسط على الطرفين جميعا- أعني على موضوع المطلوب وعل محموله- وذلك إما بأن يكون محمولا عليهما بإيجاب أو سلب أو محمولا على أحدهما بإيجاب وعلى الثاني بسلب كان الحمل في كليهما كليا أو جزئيا أو في أحدهما كليا وفي الآخر جزئيا أو مهملا، فإنه بين أن مثل هذا التأليف هو تأليف قياسي وأن الفكرة الإنسانية تقع عليه بالطبع لا بطريق صناعي. مثال ذلك أنه قد يقول القائل هذا السقط ليس بحي، فيقال له ولم ذلك فيقول لأن الحي يستهل صارخا. فإنه من البين أن هذا القول قد حذف منه قائله المقدمة الصغرى لبيانها، وهي أن هذا الطفل لم يستهل صارخا وهذا هو أخذ المستهل صارخا- الذي هو الحد الأوسط- محمولا على الطرفين. فلنسم مثل هذا التأليف الشكل الثاني، ولنسم الحد المحمول عليهما أيضا الأوسط، وموضوع المطلوب الأصغر، ومحمول المطلوب الأكبر، والمقدمة التي موضوعها موضوع المطلوب المقدمة الصغرى، والتي موضوعها محمول المطلوب المقدمة الكبرى. ولنفرض الأول في القول هو الطرف الأصغر، ثم يليه الأوسط، ثم يليه الأعظم ليتميز لنا الطرف الأكبر من الأصغر لأنهما في هذا الشكل لا يتميزان إلا بالإضافة إلى المطلوب.
وهذا الشكل ليس يوجد فيه قياس كامل، وتوجد فيه قياسات منتجة، إذا كانت المقدمات كلية وغير كلية. فأما إذا كانت كلية فإن القياس إنما يوجد فيه، إذا كان الأوسط محمولا على أحد الطرفين- أيهما كان- بإيجاب وكان محمولا على الآخر بسلب. وأما إذا كان محمولا عليهما بإيجاب، فلن يكون فيه قياس منتج.
1 / 9