وليس ينبغي أن يفهم هذا الموضوع عاما على ما يقتضيه ظاهر برهانه من أنه لما أخذ نقيض النتيجة الممكنة- وغير الممكنة- فلزم عنها الضروري السالب بين كذب السالب، فلما بين كذب السالب كذب الذي لزم عنه السالب الضروري- وهو غير الممكن- وإذا كذب غير الممكن صدق الممكن العام، فتكون النتيجة على هذا ممكنة باشتراك الاسم، فإن هذا الفهم محال. وذلك إنه إذا كانت اَ محمولة على بَ بإطلاق وبَ محمولة على كل جَ بإمكان، فأقول إنه ليس يمكن أن تحمل اَ على جَ باضطرار لأنه إن كان في هذا الحمل انطواء فاَ موجودة لجَ من الاضطرار وبإطلاق مع، وذلك خلف. فإن المطلق من طبيعة الممكن على ما تبين. وإن لم يوجد فيه غير معنى الاتصال فظاهر أيضا أن اَ موجودة لجَ بإمكان لأنه إذا كانت ألف موجودة لكل بَ بالفعل وبَ موجودة لكل جَ بإمكان فإن اَ بالضرورة تكون موجودة لجَ بإمكان لا باضطرار، فإنها وجدت لجَ بتوسط وجود بَ لها وبَ وجدت لها بإمكان، فاَ موجودة لها ضرورة بإمكان. وذلك أنه لو وجدت اَ بالضرورة لجَ من جهة مشاركتها لبَ، لوجب في بَ أن تكون موجودة بالضرورة لجَ وقد كانت فرضت بإمكان. وكذلك يبين أيضا أنها لا تنتج من قبل الاتصال مطلقة، لأن النتيجة تكون أبدا في الإنتاج الذي بحسب الاتصال التام تابعة لأخس المقدمتين، لأنه لما كانت النسبة التي بين الحد الأوسط والأصغر هي نسبة الكل الى الجزء فظاهر متى حمل شيء على الكل حملا مخالفا لجهة حمل الكل على الجزء أنه إن كان ذلك الحمل أنقص جهة من حمل الكل على الجزء أنه يحمل على الجزء بالجهة التي حمل على الكل، فإن كان حمل الكل على الجزء أنقص جهة من حمل ذلك الشيء على الكل إن ذلك الشيء يحمل على الجزء حمل الكل على الجزء.
وهذا هو الذي ظهر لأوديموس وثاوفرسطس من قدماء المشائين من أن النتيجة تكون أبدا في المختلطة جهتها تابعة لأخس جهتي المقدمتين. وما قالوه صحيح في الإنتاج الذي يكون بحسب الاتصال- أعني التام- لا بحسب الانطواء وهو الذي ذهب على القوم. فقد تبين من هذا أن الاختلاط ليس ينتج أصلا نتيجة ضرورية ولا مطلقة من جهة الاتصال الذي قصد أرسطو بيانه، إذ كان ذلك جزئيا وفي بعض المواد وكأنه بضرب من العرض إذ كان ذلك إنما يكون من قبل الانطواء، والانطواء أمر عارض لهذا التأليف وبمثل هذا بين في الاختلاط الذي يكون من كبرى ضرورية موجبة وصغرى ممكنة موجبة أن النتيجة تكون أيضا من قبل الاتصال ممكنة حقيقية- أعني بذلك النوع من برهان الخلف- وأطرح الضرورية لأنها بالعرض لهذا التأليف وأما المطلقة فليس يمكن أن توجد فيه، إذ كان ليس توجد في إحدى جهتي المقدمتين والاتصال تام. فأذن ما فهمه مفسرو المشائين من النتائج في هذه المختلطات الموجبات ممكنة حقيقية هو الصحيح.
1 / 34