Les ruses de Satan
تلبيس إبليس
Maison d'édition
دار الفكر للطباعة والنشر،بيرزت
Numéro d'édition
الطبعة الأولى
Année de publication
١٤٢١هـ/ ٢٠٠١م
Lieu d'édition
لبنان
وَذَكَرَ يَحْيَى بْنُ بَشِيرِ بْنِ عُمَيْرٍ النُّهَاوَنْدِيُّ أَنَّ شَرِيعَةَ الْهِنْدِ وضعها لهم رجل برهمي وَوَضَعَ لَهُمْ أَصْنَامًا وَجَعَلَ لَهُمْ أَعْظَمَ بُيُوتِهِمْ بَيْتًا بالميلتان وَهِيَ مَدِينَةٌ مِنْ مَدَايِنِ السِّنْدِ وَجَعَلَ فِيهِ صَنَمَهُمُ الأَعْظَمُ الَّذِي هُوَ كَصُورَةِ الهيولي الأَكْبَرِ وَهَذِهِ الْمَدِينَةُ فُتِحَتْ فِي أَيَّامِ الْحُجَّاجِ وَأَرَادُوا قَلْعَ الصَّنَمِ فَقِيلَ لَهُمْ إِنْ تَرَكْتُمُوهُ وَلَمْ تُقْلِعُوهُ جَعَلْنَا لَكُمْ ثُلُثَ مَا يَجْتَمِعُ لَهُ مِنْ مَالٍ فَأَمَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِتَرْكِهِ فَالْهِنْدُ تَحُجُّ إِلَيْهِ من ألفي فرسخ ولا بد لِلْحَاجِّ أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ دَرَاهِمَ عَلَى قَدْرِ مَا يُمْكِنُهُ مِنْ مَائَةٍ إِلَى عَشَرَةِ آلافٍ لا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ هَذَا وَلا أَكْثَرَ وَمَنْ لَمْ يَحْمِلْ مَعَهُ ذَلِكَ لَمْ يَتِمَّ حَجُّهُ فَيُلْقِيهِ فِي صُنْدُوقٍ عَظِيمٍ هُنَاكَ وَيَطُوفُونَ بِالصَّنَمِ فَإِذَا ذَهَبُوا قُسِّمَ ذَلِكَ الْمَالُ فُثُلُثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَثُلُثُهُ لِعِمَارَةِ الْمَدِينَةِ وَحُصُونِهَا وَثُلُثُهُ لِسَدَنَةِ الصَّنَمِ وَمَصَالِحِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَحِ ﵀ فَانْظُرْ كَيْفَ تَلاعَبَ الشَّيْطَانُ بِهَؤُلاءِ وَذَهَبَ بِعُقُولِهِمْ فَنَحَتُوا بِأَيْدِيهِمْ مَا عَبَدُوهُ وَمَا أَحْسَنَ مَا عَابَ الْحَقُّ ﷾ أَصْنَامَهُمْ فَقَالَ: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ وَكَانَتِ الإِشَارَةُ إِلَى الْعِبَادِ أَيْ أَنْتُمْ تَمْشُونَ وَتَبْطِشُونَ وَتُبْصِرُونَ وَتَسْمَعُونَ وَالأَصْنَامُ عَاجِزَةٌ عَنْ ذَلِكَ وَهِيَ جَمَادٌ وَهُمْ حَيَوَانٌ فَكَيْفَ عَبْدَ التام الناقص ولو تفكروا لَعَلِمُوا أَنَّ الإِلَهَ يَصْنَعُ الأَشْيَاءَ وَلا يُصْنَعُ وَيُجْمَعُ وَلَيْسَ بِمَجْمُوعٍ وَتَقُومُ الأَشْيَاءُ بِهِ وَلا يَقُومُ بِهَا وَإِنَّمَا يَنْبَغِي للإِنْسَانِ أَنْ يَعْبُدَ مَنْ صَنَعَهُ لا مَا صَنَعَهُ وَمَا خُيِّلَ إِلَيْهِمْ أَنَّ الأَصْنَامَ تَشْفَعُ فَخَيَالٌ لَيْسَ فِيهِ شُبْهَةٌ يُتَعَلَّقُ بِهَا.
ذِكْرُ تَلْبِيسِهِ عَلَى عَابِدِي النَّارِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ
قَالَ الْمُصَنِّفُ قَدْ لَبِسَ إِبْلِيسُ عَلَى جَمَاعَةٍ فَحَسَّنَ لَهُمْ عِبَادَةَ النَّارِ وَقَالُوا هِيَ الْجَوْهَرُ الَّذِي لا يَسْتَغْنِي الْعَالِمُ عَنْهُ وَمِنْ هَهُنَا زَيَّنَ عِبَادَةَ الشَّمْسِ.
وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ وَهَرَبَ مِنْ أَبِيهِ آدَمَ إِلَى الْيَمَنِ أَتَاهُ إِبْلِيسُ فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَابِيلَ إِنَّمَا قُبِلَ قَرْبَانُهُ وَأَكَلَتْهُ النَّارُ لأَنَّهُ كَانَ يَخْدِمُ النَّارَ وَيَعْبُدُهَا فَانْصُبْ أَنْتَ نَارًا تَكُونَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ فَبَنَى بَيْتَ نَارٍ فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَصَبَ النَّارَ َوعَبَدَهَا قَالَ الْجَاحِظُ وَجَاءَ زَرَادَشْتُ مِنْ بَلْخٍ وَهُوَ صَاحِبُ الْمَجُوسِ فَادَّعَى أَنَّ الْوَحْيَ يَنْزِلُ إِلَيْهِ عَلَى جَبَلٍ سِيلانَ فَدَعَى أَهْلَ تِلْكَ النَّوَاحِي الْبَارِدَةِ الَّذِينَ لا يَعْرِفُونَ إِلا الْبَرْدَ وَجَعَلَ الْوَعِيدَ بِتَضَاعُفِ الْبَرْدِ وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ إِلا إِلَى الْجِبَالِ فَقَطْ وَشَرَّعَ لأَصْحَابِهِ التوضوء بِالأَبْوَالِ وَغَشَيَانِ الأُمَّهَاتِ وَتَعْظِيمَ النِّيرَانِ مَعَ
1 / 57