سَبَأَ يُقَالُ لَهُ بَلْخَعٌ تَعْبُدُهُ حِمْيَرُ وَمَنْ وَالاهَا فَلَمْ يَزَالُوا يَعْبُدُونَهُ حَتَّى هُوَ دُهْمٌ ذُو نُواسٍ وَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الأَصْنَامُ تُعْبَدُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ فَأَمَرَ بِهَدْمِهَا.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَحَدَّثَنَا الكبي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "رُفِعَتْ لِيَ النَّارُ فَرَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لَحْي قَصِيرًا أَحْمَرَ أَزْرَقَ يَجُرُّ قَصَبَةً فِي النَّارِ قُلْتُ مَنْ هَذَا قِيلَ هَذَا عَمْرُو بْنُ لَحْي أَوَّلُ مَنْ بَحَرَ الْبَحِيرَةَ وَوَصَلَ الْوَصِيلَةَ وَسَيَّبَ السَّائِبَةَ وَحَمَى الْحَمَامَ وَغَيَّرَ دِينَ إِسْمَاعِيلَ وَدَعَا الْعَرَبَ إِلَى عِبَادَةِ الأَوْثَانِ" قَالَ هشام وحدثني أبي وغيره أن إِسْمَاعِيل ﵊ لما سكن مكة وولد لَهُ فيها أولاد فكثروا حتى ملؤا مكة ونفوا من كان بِهَا من العماليق ضاقت عليهم مكة ووقست بينهم الحروب والعداوات فأخرج بعضهم بعضا فتفسحوا فِي البلاد والتمسوا المعاش فكان الذي حملهم عَلَى عبادة الأوثان والحجارة أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن إلا أحتمل معه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم وصيانة لمكة فحيث مَا حلوا وضعوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة تيمنا منهم بِهَا وصيانة للحرم وحبا لَهُ وهم بعد يعظمون الكعبة ومكة ويحجون ويعتمرون عَلَى أثر١ إِبْرَاهِيم وإسماعيل ثم عبدوا مَا استحسنوا ونسوا مَا كانوا عَلَيْهِ واستبدلوا بدين إِبْرَاهِيم وإسماعيل ﵉ غيره فعبدوا الأوثان وصاروا إِلَى مَا كانت عَلَيْهِ الأمم من قبلهم واستخرجوا مَا كان يعبد قوم نوح وفيهم عَلَى ذلك بقايا من عهد إِبْرَاهِيم وإسماعيل يتمسكون بِهَا من تعظيم البيت والطواف به والحج والعمرة والوقوف بعرفة والمزدلفة وإهداء البدن والإهلال بالحج والعمرة وكانت نزار تقول إذا مَا أهلت لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك.
وكان أول من غير دين إِسْمَاعِيل ونصب الأوثان وثيب السائبة ووصل الوصيلة عمرو بْن ربيعة وَهُوَ لحى بْن حارثة وَهُوَ أَبُو خزاعة وكانت أم عمرو بْن لحى فهيرة بنت عامر بْن الحارث وكان الحارث هو الذي يلي أمر الكعبة فلما بلغنا عمرو بْن لحى نازعه فِي الولاية وقاتل جرهم بْن إِسْمَاعِيلَ فظفر بهم وأجلاهم عَن الكعبة ونفاهم من بلاد مكة وتولى حجابة البيت من بعدهم ثم أنه مرض مرضا شديدا فَقِيلَ لَهُ أن بالبلقاء من أرض الشام حمة إن أتيتها برئت فأتاها فاستحم بِهَا فبرأ ووجد أهلها يعبدون الأصنام فَقَالَ مَا هذه فقالوا نستسقي بِهَا المطر ونستنصر بِهَا عَلَى العدو فسألهم أن يعطوه منها ففعلوا فقدم بِهَا مكة ونصبها حول الكعبة واتخذت العرب الأصنام.
_________
١ وفي نسخة إرث.
1 / 52