تكون من غير أيام المواعدة، فأعاد ذكر الأربعين نفيا لهذا الاحتمال، وليعلم أن جميع العدد للمواعدة. والله أعلم . وهكذا قوله تعالى : {فصيام ثلاثة أيام لبى الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة } (1) أعاد ذكر العشرة لما كانت لواو تجىء في بعض المواضع للإباحة كقولهم: جالس الحسن وابن سيرين. والمراد إياحة مجالسة أحدهما فنفى بإعادة ذكر العشرة توهم الإباحة. وقوله كاملة تحقيق لذلك وتأكيد له فإن قلت فإذا كان زمن المواعدة أربعين فلم كانت ثلاثين ثم عشرا؟ فالجواب والله أعلم أن العشر إنما فصل من الثلاثين ليتجدد له به قرب انقضاء المواعدة، ويكون فيه متأهبا مجتمع الرأي حاضر الذهن؛ لأنه لو ذكر الأربعين أولا كانت متساوية فإذا جعل العشر منها إتماما لها، استشعرت النفس قرب التمام وتجدد بذلك عزم لم يتقدم. والله أعلم .
فإن قلت : فلما ذكر فى هذه السورة الثلاثين ثم العشر، وقال فى البقرة (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة }(7) ، ولم يفصل العشر منها؟
فالجواب والله أعلم أنه قصد في هذه السورة ذكر صفة المواعدة، والإخبار عن كيفية وقوعها فذكرها على صفتها، وفى البقرة إنما ذكر الإمتنان على بني اسرائيل بما أعم الله به عليهم، فذكر نعمه عليهم مجملة فقال : {وإذ فرقنا بكم البحر )(3) (وإذ أنجيناكم من آل فرعون} (4). والله أعلم .
الآية الثامنة
قوله تعالى: {سأريكم دار الفاسقين}(5)
قيل : هي جهنم . وقيل : هي الشام وقيل: هي دار الكافرين الذين خرجوا منها التى خلت منهم ، وقيل : هي مصر وهى دار فرعون. والله أعلم .
Page 76