جلدة هرَّة
ْكان الأستاذ الكاتب البليغ الذي يكتب (ليالي رمضان) في جريدة السياسة
قد سئل: ما الجديد وما القديم وما مثَل كل منهما وماذا يُبين أحدهما من
الآخر؟
فأحال في الجواب على قوم سماهم ممن يتسِمون بهذا وذلك وعدنا
فيهم، فكتبنا إليه هذه الكلمة الموجزة:
إلى كوكب الليالي المباركة:
كنت قررت أن أمسك عن الجواب حتى أرى ما عسى أن يكتب الذين
سميتهم فأتعقب أقوالهم، فإن آرائي معروفة منشورة، ولكن حجة أهل الجديد لا تزال هي كلمة الجديد.
أحسبك لا تظفر بشيء منهم بعد كلمة "الدكتور صبري " وهو يبين ذلك لا
إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وإن ظفرت بعد أيام بكلمة وكلمات فمن لك بليلة أو ليال تزيدها يا شوال على رمضان. . .
أم تريد أن تتخذ لك في التاريخ الإسلامي مذهبًا جديدًا كمذهبهم في الأدب العربي فتدعي لشيء ما ليس له وتنحل شهر رمضان من شهر يوليو. . .
لم أقرأ إلى يوم الناس هذا في معنى هذا (الجديد) كلامًا يبلغ أن يصور منه
برهان أو تؤلَف منه قضية صحيحة، وكل أقاويلهم ترجع إلى ثلاثة أبواب جديدة، ومجدد، ولنجدد، فأما الأول فهو عندهم تقبيح القديم والزراية عليه والنفير منه.
وأما الثاني فهو العائب والشاتم والمهزئ، وأما باب قولهم (ولنجدد) فهو لا يزال إلى الآن مقصورًا على قول كل واحد منهم للآخر (ولنجدِّد) . . .
على أن القديم هو الواقع الثابت الذي يقوم به الماضي والحاضر معًا وقد
رأيتَ أن الجديد لا يعدو أمرًا يتوهمونه أمرًا وهو بعدُ لم يقع، فليس الممكن
أولى به من المستحيل ولا المستحيل أحق به من الممكن، وإنما أضيعُ الناس
في الناس رجلان: واحد يأتي قبل زمنه، والآخر لا يكون إلا وقد مضى زمنه، أفلا ترى والحالة هذه أن كل السائغ الممكن لأهل الجديد هو أن يجادلوا أهل المستقبل؟
1 / 51