مركب من ملح الخيلان ... كَأَنَّهُ فِي نَاظر الْإِنْسَان إِنْسَان عين الْحسن فِي الزَّمَان
تَحْسِين الشيب
فِي الْخَبَر أَن الله سُبْحَانَهُ يَقُول: " الشيب نوري، وَأَنا أستحي أَن أعذب نوري بناري ". وَقَالَ بعض البلغاء: الشيب حلية الْعقل، وسمة الْوَقار، وعنوان التجربة، وَشَاهد الحنكة. وَقَالَ آخر: الشيب زبدة مخضتها الْأَيَّام، وَفِضة سبكتها التجارب. وَقَالَ آخر: إِذا شَاب الغافل سرى فِي طَرِيق الرشد بمصابيح الشيب. وَقَالَ ابْن المعتز فِي فصوله الْقصار: عظم الْكَبِير فَإِنَّهُ (عرف الله قبلك، وَارْحَمْ الصَّغِير فَإِنَّهُ أغر بالدنيا مِنْك) . وللبديع الْهَمدَانِي من رِسَالَة: جزى الله المشيب خيرا، فَإِنَّهُ أَنَاة، وَلَا رد الشَّبَاب فَإِنَّهُ هَنَات، وأظنهما لَو مثلا لمثل الشَّبَاب كَلْبا عقورًا، والشيب شَيخا وقورًا، ولاشتعل الأول نَارا واشتهر الآخر نورا. فَالْحَمْد لله الَّذِي بيض القار، وَسَماهُ الْوَقار، وَعَسَى الله أَن يغسل الْفُؤَاد كَمَا غسل السوَاد، إِن السعيد من شابت جملَته، وَلم تخص بالبياض لحيته. وَمِمَّا يستحسن لدعبل قَوْله، وَهُوَ أول من مدح الشيب من الشُّعَرَاء: أَهلا وسهلًا بالمشيب، فَإِنَّهُ ... سمة الْعَفِيف، وهيبة المتحرج وَكَأن شيبي نظم در زَاهِر ... فِي تَاج ذِي ملك أغر متوج وَقَوله: أحب الشيب لما قَالَ: ضيف ... لحبي للضيوف النازلينا وللبحتري: وَبَيَاض الْبَازِي أصدق حسنا ... إِن تَأَمَّلت من سَواد الْغُرَاب وَسمعت أَبَا الْحُسَيْن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْفَقِيه الْفَسَوِي النَّحْوِيّ يَقُول:
1 / 40