وأما الإجماع فسنده قوله ﷺ: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" وأما القياس، فدليله من السنة حديث معاذ بن جبل، حينما بعثه الرسول ﷺ إلى اليمن، وقال له: "كيف تقضي إذا عرض لك القضاء؟ " فقال له معاذ: أقضي بكتاب الله. قال: "فإن لم تجد في كتاب الله؟ ". قال معاذ: أقضي بسنة نبي الله. قال: "فإن لم تجد في كتاب الله ولا سنة رسول الله؟ ". قال معاذ: أجتهد رأيي ولا آلوا، فضرب الرسول ﷺ على صدره، وقال: "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله إلى ما يرضي رسول الله".
وإذا دققنا النظر، وجدنا أن الأصل في هذه الأحكام كلها واحد، وهو قوله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [يوسف: ٤٠].
ومن هذه الأحكام، ما وصلنا بين دفتي المصحف، ومنه ما وصل على لسان رسول الله، ومنها مما لم يكن قرآنًا ولا سنة، ولكنه مستنبط من ذلك وهو القياس، أو مستند إلى أحدها وهو الإجماع. وهناك أدلة أخرى أخذ بها البعض، وتركها البعض الآخر؛ مثل: الاستحسان، والاستصحاب، والمصالح المرسلة ... إلخ.
والكلام فيها مبسوط في كتب علماء الأصول.
بَعْضُ الدَّعَاوَى المُفْتَرَاةِ
يدعي بعض الباحثين في الشرائع والقوانين الذين هبطت عقولهم دون مستوى العقول - أن الشريعة الإسلامية أخذت بعض أصولها من الشرائع والقوانين الرومانية، ويستدلون على هذا الزعم الباطل باتحاد بعض القواعد والأصول في القانونين "الإسلامي والروماني" وبأن بلاد الشام كانت تابعة للدولة الرومانية قبل ظهور الإسلام، وقد كان القانون الروماني يحكمها، فهيأ ذلك لأولي الأمر من المسلمين أن يقتبسوا بعضًا من أصول هذا القانون.
وللرد على هذه الدعوى نقول:
1 / 14