[48]
فولي محيي الدين القضاء على الشام عوض كمال الدين المذكور، ورجع ابن سنى الدولة من عند هولاكو غير مولى، فتمرض في الطريق ومات ببعلبك. وتسلم محيي الدين بن الزكي قضاء الشام، وتوجه كمال الدين المذكور إلى قضاء حلب وأعمالها. ولما رجع الخارجي هولاكو إلى بلاده، وعادت الدولة المصرية تعصبوا على كمال الدين ونسبوا إليه أشياء يراه الله منها، وعصمة ممن أراد ضرره. وكان أحد العلماء المشهورين والأئمة المذكورين. توفي بالقاهرة في ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وست مئة. انتهى.
محيي الدين بن الزكي
ومحيي الدين بن الزكي المشار إليه هو قاضي القضاة منتخب الدين أبو المعالي القرشي الشافعي. ولد سنة ست وتسعين، وروى عن حنبل وابن طبرزد، وتفقه على الفخر بن عساكر، وولي قضاء دمشق مرتين فلم تطل أيامه. وكان صدرا معظما ممرقا في القضاء. له في ابن عربي عقيدة تجاوز الوصف، وكان شيعيا يفضل عليا على عثمان مع كونه ادعى نسبا إلى عثمان، وهو القائل:
أدين بما دان الوصي ولا أرى ... سواه، وإن كانت أمية محتدي
ولو شهدت صفين خيلي لا عذرت ... وساء بني حرب هنالك مشهدي
لكنت أسن البيض عنهم تراضيا ... وامنعهم نيل الخلافة باليد
وسار إلى هولاكو فأكرمه وولاه قضاء دمشق وعزل الكمال التفليسي، وخلع عليه خلعة سوداء مذهبة. فلما تملك الملك الظاهر أبعده إلى مصر، وألزمه بالمقام بها إلى أن توفي في رباع عشر رجب في سنة ثمان وستين وست مئة.
Page 63