396

وأيضا فإذا قلت: اشتريت المكان إلى الشجرة فما بعد، إلى هو الموضع الذي انتهى إليه المكان المشتري فلا يمكن أن تكون الشجرة من المكان المشترى، لأن الشيء لا ينتهي ما بقي منه شيء إلا أن يتجوز فيجعل ما قرب من الانتهاء انتهاء فإذا لم يتصور أن يكون داخلا الإعجاز وجب أن يحمل على أنه غير داخل لأنه لا يحمل على المجاز ما أمكنت الحقيقة إلا أن يكون ثم قرينة مرجحة للمجاز على الحقيقة. وقول الزمخشري عند انتفاء قرينة الدخول أو الخروج لا دليل فيه على أحد الأمرين مخالف. لنقل أصحابنا إذ ذكروا أن النحويين على مذهبين، أحدهما: الدخول، والآخر: الخروج، وهو الذي صححوه. وعلى ما ذكره الزمخشري يتوقف ويكون من المجمل حتى يتضح ما يحمل عليه من خارج عن الكلام وعلى ما ذكره أصحابنا يكون من المبين فلا يتوقف على شيء من خارج في بيانه.

قال ابن عطية: تحرير العبارة في هذا المعنى أن يقال: إذا كان ما بعد إلى ليس مما قبلها فالحد أول المذكور بعدها إذا كان ما بعدها من جملة ما قبلها فالاحتياط يعطي ان الحد آخر المذكور بعدها، ولذلك يترجح دخول المرفقين في الغسل. والروايتان محفوظتان عن مالك وروي أشهب عنه أنهما غير داخلين وروي غيره أنهما داخلان.

" انتهى ".

هذا التقسيم ذكره عبد الدائم القيرواني، فقال: إن لم يكن ما بعدها من جنس ما قبلها لم يدخل وإن كان فيحتمل أن يدخل، ويحتمل أن لا يدخل، والأظهر أن لا يدخل. " انتهى ". ومذهب أبي العباس أنه إذا كان بعدها من جنس ما قبلها دخل في الحكم.

{ وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين } هذا أمر بالمسح بالرأس. واختلفوا في مدلول باء الجر هنا فقبل: انها للالصاق وهو مذهب سيبويه وهو الذي نختاره.

قال الزمخشري: المراد الصاق المسح بالرأس وما مسح بعضه ومستوعبه بالمسح كلاهما ملصق المسح برأسه. " انتهى ". وليس كما ذكر ليس. ماسح بعضه يطلق عليه انه ملصق المسح برأسه حقيقة، وإنما يطلق عليه ذلك على سبيل المجاز وتسمية لبعض بكل. وقيل: الباء للتبعيض وكونها للتبعيض ينكره أكثر النحاة. وقيل: الباء زائدة مؤكدة مثلها في قوله:

ومن يرد فيه بإلحاد بظلم

[الحج: 25]، أي الحادا. وحكى سيبويه في كتابه خشنت صدره وبصدره ومسحت رأسه وبرأسه في معنى واحد وهذا نص في المسألة. وعلى هذه المفهومات ظهر الاختلاف بين العلماء في مسح الرأس، فمشهور مذهب مالك وجوب التعميم، والمشهور من مذهب الشافعي وجوب أدنى ما يطلق عليه اسم المسح، ومشهور مذهب أبي حنيفة ربع الرأس. وقال الثوري: إذا مسح شعرة واحدة أجزأه. { وأرجلكم } قرىء بالجر عطفا على رؤوسكم وقرىء بالنصب عطفا على موضع رؤوسكم، فاقتضى ظاهر ذلك مسح الرجلين. وذهب الجمهور إلى أن فرض الرجلين الغسل لا المسح وذلك هو الثابت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث التي قاربت التواتر من أنه كان يغسل رجليه في الوضوء وذهبت الامامية إلى أن فرضهما المسح لا الغسل. وذهب الحسن ومحمد بن جرير الطبري إلى أن المتوضىء مخير بين غسل رجليه وبين مسحهما إذ قد ثبت غسلهما بالسنة ومسهما، ومن ذهب إلى قراءة النصب في وأرجلكم عطف على قوله: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم، وفصل بينهما بهذه الجملة التي هي قوله: وامسحوا برؤوسكم، فقوله بعيد لأن فيه الفصل بين المتعاطفين بجملة إنشائية وقراءة وأرجلكم بالخبر تأتي ذلك وغيا مسح الرجلين بالانتهاء إلى الكعبين فعن مالك: انهما الكعبان العظمان الملتصقان للساق المحاذيان للعقب. وقالت الامامية: وكل من ذهب إلى وجوب مسح الكعب الذي هو وجه القدم فيكون المسح معنيا به.

{ وإن كنتم جنبا فاطهروا } لما ذكر تعالى الطهارة الصغرى ذكر الطهارة الكبرى وتقدم مدلول الجنب في قوله:

ولا جنبا إلا عابري سبيل

Page inconnue