{ فليؤد الذي اؤتمن أمانته } الضمير في أمانته عائد على الذين أؤتمن، والأمانة مصدر أطلق على الشيء الذي في اليد أو بقي على مصدريته على حذف مضاف أي دين أمانته. والأمر في فليؤد للوجوب. وقرىء أؤتمن بهمزة ساكنة وبإبدالها ياء كهمزة يد للكسرة قبلها. وقرىء الذي تمن بإدغام التاء المبدلة من الياء في تاء افتعل وهي لغة رديئة.
قال الزمخشري: وليس بصحيح لأن الياء منقلبة عن الهمزة فهي في حكم الهمزة واتزر عامي وكذلك ريا من رؤيا. " انتهى ". وما ذكر الزمخشري فيه أنه ليس بصحيح وان اتزر عامي يعني أنه من إحداث العامة لا أصل له في اللغة، وقد قدمنا أن ذلك لغة رديئة. وأما قوله: وكذلك ريا من رؤيا فهذا التشبيه إما أن يعود إلى قوله واتزر عامي فيكون إدغام ريا عاميا وإما أن يعود إلى قوله: فليس بصحيح، أي وكذلك إدغام ريا ليس بصحيح. وقد حكى الادغام في ريا الكسائي.
{ وليتق الله ربه } أي في أداء ما أئتمنه رب المال وجمع بين الذات والوصف.
{ ولا تكتموا الشهدة } هذا نهي تحريم.
{ ومن يكتمها } الآية الكتم من معاصي القلب والشهادة علم بالقلب فلذلك علق الإثم به وعنه يترجم اللسان وقلبه فاعل باثم. (وقال) ابن عطية: ويجوز أن يكون يعني آثم ابتداء وقلبه فاعل يسد مسد الخبر، والجملة خبر إن " انتهى ". وهذا لا يصح على مذهب سيبويه وجمهور البصريين لأن اسم الفاعل لم يعتمد على أداة نفي ولا أداة استفهام، نحو: أقائم الزيدان، وأقائم الزيدون، وما قائم الزيدان، وما قائم الزيدون. لكنه يجوز على مذهب أبي الحسن إذ يجيز قائم الزيدان فيرفع الزيدان باسم الفاعل دون اعتماد على أداة نفي ولا استفهام (قال) ابن عطية: ويجوز أن يكون قلبه بدلا على بدل البعض من الكل يعني أنه يكون بدلا من الضمير المرفوع المستكن في آثم، والإعراب الأول هو الوجه. وجوز الزمخشري أن يكون آثم خبرا مقدما وقلبه مبتدأ والجملة في موضع خبر إن، وهذا الوجه لا يجيزه الكوفيون.
وقرىء قلبه بالنصب ونسبها ابن عطية إلى ابن أبي عبلة بدلا من اسم ان. قال ابن عطية: قال مكي: هو على التفسير يغني التمييز ثم ضعفه من أجل أنه معرفة. والكوفيون يجيزون مجيء التمييز معرفة وقد خرجه بعضهم على أنه منصوب على التشبيه بالمفعول به نحو قولهم: مررت برجل حسن وجهه. ومثله ما أنشد الكسائي:
من نعاتها مدارة الاخفاف محمراتها
غلب الدفاري وعفريناتها
كوم الذرى وأدقه سراتها
وهذا التخريج هو على مذهب الكوفيين جائز، وعلى مذهب المبرد ممنوع، وعلى مذهب سيبويه جائز في الشعر لا في الكلام. ويجوز أن ينتصب على البدل من اسم ان وقد تقدم ويكون بدل بعض من كل ولا مبالاة بالفضل بين البدل والمبدل منه بالخبر لأن ذلك جائز فقد فصلوا بالخبر بين الصفة والموصوف نحو: زيد منطلق العاقل نص عليه سيبويه مع أن العامل في النعت والمنعوت واحد فأحرى في البدل لأن الأصح ان العامل فيه هو غير العامل في المبدل منه. وقرىء أثم فعلا ماضيا وقلبه نصبا على المفعولية.
Page inconnue