إنا هدنآ إليك
[الأعراف: 156] أي تبنا. وقال بعضهم: لأنهم هادوا؛ أي مالوا عن الإسلام وعن دين موسى عليه السلام؛ يقال: هاد يهود هودا؛ إذا مال.
واختلفوا أيضا في تسمية النصارى بذلك؛ قال مقاتل: (لأن أصلهم من قرية يقال لها ناصرة؛ كان ينزلها عيسى وأمه؛ فنسبوا إليها). وقال الزهري: (سموا بذلك لأن الحواريين قالوا: نحن أنصار الله).
(والصابيين) قرأ أهل المدينة بترك الهمزة. وقرأ الباقون بالهمزة وهو الأصل. يقال: صبا يصبوا صبوا، إذا مال وخرج من دين إلى دين.
واختلفوا في الصابئين من هم؟ فقال عمر: هم طائفة من أهل الكتاب ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب؛ وبه قال السدي. وقال ابن عباس: (لا دين لهم؛ ولا تحل ذبائحهم؛ ولا مناكحة نسائهم). وقال: مجاهد: (قبيلة نحو الشام بين اليهود والمجوس لا دين لهم؛ وكان لا يراهم من أهل الكتاب). وقال مقاتل وقتادة: (هم يقرون بالله؛ ويعبدون الملائكة؛ ويقرأون الزبور؛ ويصلون إلى الكعبة، أخذوا من كل دين شيئا). وقال الكلبي: (هم قوم بين اليهود والنصارى يحلقون أوساط رؤوسهم ويحنون مذاكيرهم). وقال عبدالعزيز بن يحيى: (قد انقرضوا فلا عين ولا أثر).
قوله تعالى: { إن الذين آمنوا } أي على التحقيق وعقد التصديق؛ وهم الذين آمنوا بعيسى ثم لم يتهودوا ولم يتنصروا ولم يتصابأوا؛ وانتظروا خروج محمد صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه. وقيل: هم طلاب الدين؛ منهم حبيب النجار؛ وقس بن ساعدة؛ وورقة بن نوفل؛ وزيد بن عمرو بن نفيل؛ وأبو ذر الغفاري؛ وسلمان الفارسي؛ وبحيرا الراهب، آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه، فمنهم من أدركه وتابعه ومنهم من لم يدركه. وقيل: هم مؤمنو الأمم الماضية. وقيل: هم المؤمنون من هذه الأمة.
قوله: { والذين هادوا } أي الذين كانوا على دين موسى ولم يبدلوا ولم يغيروا. { والنصارى } الذين كانوا على دين عيسى ولم يبدلوا وماتوا على ذلك، { والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر } من مات منهم وهو مؤمن.
وقوله تعالى: { وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم } ، إنما ذكره بلفظ الجمع ؛ لأن لفظة { من } تصلح للواحد؛ والاثنين؛ والجمع؛ والمذكر؛ والمؤنث، قال الله تعالى:
ومنهم من يستمع إليك
[محمد: 16]
Page inconnue