293

Le Grand Commentaire

التفسير الكبير

Genres

قوله تعالى: { والله لا يهدي القوم الكافرين }؛ أي لا يهديهم حتى يخلصوا أعمالهم. وقيل: لا يهديهم بالمثوبة لهم كما يهدي المؤمنين.

وأصل الوابل من الوبيل وهو الشديد كما قال تعالى:

أخذا وبيلا

[المزمل: 16]. ويقال: وبلت السماء تبل؛ إذا اشتد مطرها. والصلد: الحجر الأملس الصلب، ويسمى البخيل صلدا تشبيها له بالحجر في أنه لا يخرج منه شيء. ويقال للأرض التي لا تنبت شيئا: صلدا، وصلد الزند صلودا إذ لم يور نارا.

وفي الآية دلالة على أن الصدقة وسائر القرب إذا لم تكن خالصة لله تعالى لا يتعلق بها الثواب، ويكون فاعلها كمن لا يفعل؛ ولهذا قال أصحابنا: لا يجوز الاسئتجار على الحج وسائر الأفعال التي من شرطها أن تفعل على وجه القربة؛ لأن أخذ الأجرة عليها يخرجها من أن تكون قربة.

ثم ضرب جل ذكره لنفقة المخلصين المثيبين مثلا آخر أعلى من المثل الأول فقال: { ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغآء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين }؛ أي صفة الذين ينفقون أموالهم لطلب رضا الله تصديقا وحقيقة. قال الشعبي والكلبي والضحاك: { يعني تصديقا من أنفسهم، يخرجون الزكاة طيبة بها نفوسهم).

وقال السدي وأبو صالح وأبو روق: (معناه ويقينا من أنفسهم؛ أي على يقين بإخلاف الله عليهم). وقال قتادة: (معناه: واحتسابا، وقيل: ثقة بالله). وقال مجاهد: (معناه: يتثبتون). قال الحسن: (كان الرجل إذا هم بصدقة ثبت؛ فإن كان لله أمضاه، وإن خالطه شك أمسك). وقال ابن كيسان: (معناه: إخلاصا وتوطنا لأنفسهم على طاعة الله). وقال سعيد بن جبير: (وتحقيقا في دينهم).

قوله: { كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين } أي كصفة بستان بمكان مرتفع أصابها مطر كثير شديد، فآتت ثمرتها ضعفين في الحمل. قال عطاء: (حملت في سنة ما يحمل غيرها في سنتين). وقال عكرمة: (حملت في السنة مرتين). قال الفراء: (إذا كان في البستان نخل فهو جنة، وإذا كان فيه كرم فهو فردوس).

وقرأ مجاهد: (كمثل حبة) بالحاء والباء، وقرأ السلمي والعطاردي والحسن وعاصم وابن عامر: (بربوة) بفتح الراء هنا وفي سورة المؤمنين وهي لغة بني تميم. وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وابن كثير والأعمش وحمزة والكسائي وأبو عمرو ويعقوب وأيوب: (بربوة) بضم الراء فيهما، واختاره أبو عبيدة لأنها أكثر اللغات وأشهرها. وقرأ ابن عباس وأبو إسحاق: (بربوة) بكسر الراء. وقرأ أشهب العقيلي: (برباوة) بالألف وكسر الراء. وهن جميعا للمكان المرتفع المستوي، والمطر على الروابي أشد ونبتها أحسن، وإنما سميت ربوة لأنها ربت وعلت فغلظت، من قوله ربى الشيء يربو إذا عظم.

قوله تعالى: { أكلها }. قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بالتخفيف، وقرأ الباقون بضم الكاف. والأكل هو الثمر وهو اسم لما يؤكل.

Page inconnue