Tafsīr Ibn Kathīr
تفسير ابن كثير
Enquêteur
سامي بن محمد السلامة
Maison d'édition
دار طيبة للنشر والتوزيع
Édition
الثانية
Année de publication
1420 AH
Genres
Tafsir
وَخُصَّتِ الْهِدَايَةُ للمتَّقين. كَمَا قَالَ: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فُصِّلَتْ: ٤٤] . ﴿وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٨٢] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى اخْتِصَاصِ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّفْعِ بِالْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ فِي نَفْسِهِ هُدًى، وَلَكِنْ لَا يَنَالُهُ إِلَّا الْأَبْرَارُ، كَمَا قَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يُونُسَ: ٥٧] .
وَقَدْ قَالَ السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ يَعْنِي: نُورًا (١) لِلْمُتَّقِينَ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: هُدًى مِنَ الضَّلَالَةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: تِبْيَانٌ للمتَّقين. وَكُلُّ ذَلِكَ صَحِيحٌ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ قَالَ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ (٢) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ أَيْ: الَّذِينَ يَحْذَرُونَ مِنَ اللَّهِ عُقُوبَتَهُ فِي تَرْكِ مَا يَعْرِفُونَ مِنَ الْهُدَى، وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ فِي التَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو رَوْق، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ قَالَ: الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يتَّقون (٣) الشِّرْكَ بِي، وَيَعْمَلُونَ بِطَاعَتِي.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَوْلَهُ: ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ قَالَ: اتَّقوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَأَدَّوْا مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: سَأَلَنِي الْأَعْمَشُ عَنِ المتَّقين، قَالَ: فَأَجَبْتُهُ. فَقَالَ [لِي] (٤) سَلْ عَنْهَا الْكَلْبِيَّ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ. قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى الْأَعْمَشِ، فَقَالَ: نَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ. وَلَمْ يُنْكِرْهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ هُمُ الَّذِينَ نَعَتَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ الْآيَةَ وَالَّتِي بَعْدَهَا [الْبَقَرَةِ: ٣، ٤] .
وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ: أَنَّ الْآيَةَ تَعُمّ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ.
وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَقِيلٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَعَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ المتَّقين حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا مِمَّا بِهِ بَأْسٌ (٥) . ثم قال الترمذي: حسن غريب (٦) .
(١) في جـ، ب: "نور".
(٢) في جـ: "يعني نورا للمؤمنين".
(٣) في جـ: "يتعوذون".
(٤) زيادة من جـ، ط، ب.
(٥) في ب: "البأس".
(٦) سنن الترمذي برقم (٢٤٥١) وسنن ابن ماجه برقم (٤٢١٥) .
1 / 163