Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Maison d'édition
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٦ هـ
Lieu d'édition
المملكة العربية السعودية
Genres
وإِنْ فُقِد الاتِّباعُ صَار بدْعَةً، وقَدْ قَال النّبيُّ ﵊: "إِنَّما الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" (^١)، وَهَذا لِلْإِخلاصِ، وقَال: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُو رَدٌّ" (^٢)، وَهَذا لِلاتّبَاعِ.
وقوْلهُ ﵀: [أنتَ وَمَنْ تَبِعَكَ]: أتَى المُفَسّر ﵀ بقَولِه: [وَمَنْ تَبِعَكَ]؛ لأَنَّهُ سيَأْتِينا وصْفٌ مجْمُوعٌ، وهو قوله تَعالَى: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ﴾، آخِرَه، ولَا يُمْكِنُ أنْ تكُونَ الحالُ المجْمُوعةُ لمُفْرَدٍ؛ لأَنَّ الحالَ وصْفٌ، فكَما لا يُخْبَر عَن الواحِد بالجمْع لا تُجعَلُ الحالُ الجمْعُ لواحِدٍ، ومَا ذَهب إِلَيْهِ المُفَسّر صحِيحٌ مِنْ وجْهَيْن:
أولًا: مُراعاة اللَّفْظ الآتِي.
ثانيًا: أنَّ الخطابَ للرَّسُولِ ﷺ خطابٌ لَهُ وللأُمَّةِ؛ لأَنَّ زَعِيمَ القَوْم يُوَجَّه إِلَيْهِ الخطابُ الموجَّهُ للجَمِيعِ، مثَلًا الرّكن في الجيْشِ يقُولُ للقَائِد: اذْهَبْ إِلَى الجبْهَةِ الفُلانِيَّة، فإنَّه يُريدُ القَائِدَ ومَنْ مَعَه لَا يُريدُه وحْدَه، فالخِطابُ لزَعيمِ القَوْمِ خِطابٌ للجَمِيع، فاللهُ ﷿ يُوجِّهُ الخِطابَ للرَّسُولِ ﷺ، والمُرادُ هُو والأُمَّةُ، والدّليلُ عَلَى هَذا قوْله تَعالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطّلاق: ١]، فالخِطابُ مُفرَدٌ ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ﴾، وبَعْدَه ﴿إِذَا طَلَّقْتُمُ﴾ ليْسَ النّبيَّ ﷺ وحدَه، بلْ كُلّ الأمَّةِ، ويدُلُّ لِذَلِكَ أيْضًا قوله تَعالَى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ [الأحزاب: ٢١]، فنَحْنُ لَنا فِيه أُسوةٌ، ونحْنُ لَهُ تَبعٌ.
إِذَنْ: وجْهُ كوْنِ الخِطابِ الخاصِّ بالرَّسُولِ ﵊ للأُمَّةِ لَه وجْهَانِ كَما تقَدَّم:
(^١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، رقم (١)، ومسلم: كتاب الإمارة، باب قوله ﷺ: "إنما الأعمال بالنية ... "، رقم (١٩٠٧).
(^٢) أخرجه مسلم: كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم (١٧١٨).
1 / 174