193

Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml

تفسير العثيمين: النمل

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الآية (٣٧)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [النمل: ٣٧].
* * *
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ﴾ بما أتيتَ من الهديَّة].
الخطاب الْآنَ للرَّسُولِ، وهَذَا من تعديدِ الأساليبِ لفائدةٍ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ حملوا الهديَّة هم الجماعةُ جميعًا، فناسبَ أنْ يُخَاطِبَهم جميعًا؛ لِأَنَّهُم حَمَلُوا هَذِهِ الهَدِيَّةَ، وهنا لمَّا أرادَ أنْ يحملهم الإبلاغَ فإن تحميل الإبلاغِ للجماعةِ تَضِيع فِيهِ المسؤوليةُ، فحَمَّلَ الإبلاغ رَئيسَهم فقطْ؛ لأنك إذا وَصَّيْتَ جماعةً مثلًا لشخصٍ من النَّاسِ ضاعتِ المسؤوليةُ وصارَ كُلّ واحدٍ منهم يَتَّكِل عَلَى الآخَرِ فلا يحسن الإبلاغُ، لكِن إذا حَمَّلْتَها واحدًا فحينئذٍ يَتَحَمَّل ويؤدي؛ ولهَذَا حَمَّل الرئيسَ فقال: ﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ﴾ [النمل: ٣٧]، أي: إِلَى جماعتِكَ الَّذِينَ أرسلوكَ.
قَالَ المُفَسِّر ﵀: [بما أتيتَ مِنَ الهديَّة ﴿فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ﴾ لا طاقةَ لهمْ بها ﴿وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا﴾ من بَلَدِهِمْ سبأ، وسُمِّيَتْ باسمِ أبي قَبيلتهم، ﴿أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ أي: إنْ لم يأتوني مسلمينَ].
هَكَذَا الْقُوَّة؛ لِأَنَّهُ لا يريدُ المالَ ولا يريد الدُّنْيا وإلا لَخَضَعَ وخَنَعَ لهَذِهِ الهَدِيَّة الكبيرةِ الَّتِي أُرسل بها جماعةٌ، ولكِنَّه لا يريد ذلك، فخاطبهم بهَذِهِ العباراتِ القويَّة.

1 / 197