تفسير العثيمين: الشعراء

Muhammad ibn Salih al-Uthaymin d. 1421 AH
61

تفسير العثيمين: الشعراء

تفسير العثيمين: الشعراء

Maison d'édition

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ

Lieu d'édition

المملكة العربية السعودية

Genres

الآية (٢٢) * * * * قالَ اللهُ ﷿: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: ٢٢]. * * * قَالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ﴾ أَصْلُها: تَمُنّ بِهَا عَلَيَّ]، أي: تَجْعَل بِهَا مِنّة عليّ، ولكن حُذف حرفُ الجرِّ وعُدِّي الفعلُ إليها. قَالَ: ﴿تَمُنُّهَا عَلَيَّ﴾ أي: تجعلها مِنّة ﴿أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ يقول: [بيان لـ (تلك)، أي: اتَّخَذْتَهُمْ عَبيدًا]، وإذا كانتْ بيانًا لـ (تلك) فتكون (أنْ) تفسيريَّة، تفسير لاسْم الإشارة فِي قوله: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ﴾ أي: حين عبَّدتَ بني إِسْرَائِيل جعلتَ تَربيتي عندكَ وليدَ النعمةِ، وفي الحَقِيقَة هَذَا لَيْسَ بنعمةٍ؛ لِأَنَّ كَوْن الْإِنْسَان لا يقتلُ هَذَا الرَّجُل وَهُوَ يقتلُ غيرَه عُدوانًا لَيْسَ بنعمةٍ؛ لِأَنَّ أصلَ قتلِ أولئكَ ظُلْمٌ وجَوْرٌ، فكونه لا يقتلُ هَذَا الرَّجُلَ لَيْسَ نعمةً. وغايةُ ما هنالكَ أَنَّهُ لم يَظْلِمْهُ، فهو لنْ يدفعَ عنه ضررًا نازلًا بِهِ من غيرِهِ، ولم يَجْلِبْ إليه نفعًا. فمُوسَى يقول: كيف تَمُنُّ عليّ بهذه النعمةِ أنْ عَبَّدْتَ بني إِسْرَائِيل، يعني: ولم تَسْتَعْبِدْنِي، فهذه ليستْ نعمةً؛ لِأَنَّ كون الْإِنْسَان لا يظلمُ هَذَا الرَّجُلَ ويظلمُ ذاك، فهذا لَيْسَ نعمةً عَلَى مَن لم يُظْلَمْ؛ إذ لم يُسْدِ إليه نفعًا، ولم يَدْفَعْ عنه ضررًا، غايةُ ما هنالك أَنَّهُ امتنعَ عن ظُلْمِهِ. وفي الواقع امتناعُه عن ظُلمِهِ نعمةٌ عَلَى نفسِ الظالمِ؛ أن الله تعالى أنعمَ عليه

1 / 66