من الغيبة إلى الحضور. ولولا الالتفات لقال: "إلا أن يتقوا منهم تقاة".
وقوله تعالى: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾:
﴿وَيُحَذِّرُكُمُ﴾: فيها فعل ومفعول به، ولفظ الجلالة (الله) فاعل. ﴿نَفْسَهُ﴾: مفعول ثانٍ.
﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾: أي: يخوفكم من نفسه ﷿، ويحذركم من عقابه إذا اتخذتموهم أولياء، إلا في الحال التي تكون موالاتهم تقاة، وليس عن قصد واختيار.
﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾: أي: المرجع. والجملة اسمية قُدِّم فيها الخبر لفائدة الحصر؛ يعني: إلى الله لا إلى غيره المصير. والمراد المرجع في جميع الأمور، كما قال الله تعالى: ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ [البقرة: ٢١٠].
من فوائد الآية الكريمة:
١ - تحريم اتخاذ الكفار أولياء؛ لقوله: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
٢ - أن مقتضى الإيمان الحقيقي أن يتخذ الإنسان الكافرين أعداء؛ لقوله: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ﴾، فعلَّق هذا الحكم بالمؤمنين، وهو دليل على أن مقتضى إيمانهم أن لا يتخذوهم أولياء، بل أن يتخذوهم أعداء؛ لأن هؤلاء الكفار شيعة الشيطان وأولياؤه. فقد قال الله ﷿: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر: ٦].
٣ - أن اتخاذ الكافرين أولياء ينافي أصل الإيمان، أو كمال الإيمان؛ لأن الحكم إذا عُلِّق بوصف، فإنه يتبع ذلك الوصف قوة