قوله(ص7): أرسل الراد نسخا من ((إبراز غيه)) إلى مكة، من دون انتظار لجوابه(1)، ظنا منه أن رسالته هذه لا يكون عليها جواب، وهذا كتابنا ((شفاء العي))، لم أرسله إلى مكة ولا إلى المدينة، ولا إلى أحد من أهل الكوفة، مع كونه مشتملا على المناظرة الحقة... إلخ.
أقول: فيه ما فيه:
أما أولا: فهو أن نسبة إرسال ((إبراز الغي)) إلى مكة إلى مؤلفه، كاذبة واهية، كاسدة ساقطة، فإني لم أرسله إلى الحرمين الشريفين، ولا إلى بلاد الشام، ولكن الله أوصله إلى ذلك المقام بوساطة المسافرين الكرام، والواردين العظام، وهذه آية المقبولية، ولله الحمد على ذلك كل بكرة وعشية.
وقد علم الناس من عادتي، وإن لم يعلمه النسناس، ذو عداوة وعتي(2):
أني كلما أصنف من الدفاتر والرسائل، ويطبع في مطبع من المطابع، لا أرسله إلى جميع الأفاضل، طلبا للجاه والحشمة، ولا إلى مشاهير المواقع، رجاء للرياء والسمعة، وإنما أهديه إلى مشاهير العلماء، وأقسمه على الطلبة والأذكياء، فيشتهر غاية الاشتهار، وينتشر نهاية الانتشار، تشد إليه الرحال، وتتداوله الرجال من الرجال، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من أهل الكمال، وهو العلي المتعال.
Page 74