ولا يكتفي عليه، بل يقول: أنت كذا وكذا، وأبوك كذا وكذا، وعلماء بلدتك ومحلتك طورهم كذا وكذا، فيذكر جملة من المثالب والمعائب، مع صفح النظر عن الفضائل والمناقب، وإن كان أكثر ما يذكره مكذوبا من نفسه، ومفترى من عنده، وغرضه من هذه القعقعة، الملقية في المزلقة، أن يسكت راده عن رده، طلبا لحفظ عرضه، وأن يفتخر هو بذلك بين البطلة، ويمدح بذلك بين الجهلة.
وليس العجب من المشي على هذا الممشى، حفظ الله كل عبد عن هذا المسعى، ممن هو جاهل وأعمى، وجادل وأدنى، وباقل(1) لا يموت ولا يحيى(2)، وناقل في ترويج الأباطيل يسعى، {فأخذه الله نكال(3)الآخرة والأولى، إن في ذلك لعبرة لمن يخشى}(4).
إنما العجب ممن يقول: إني مجدد للدين المتين، ومحدد للشرع المبين، أو إني أحق الحق وأبطل الباطل، وأنصر السيد الشريف، سيد الأفاضل، فيسلك على هذا المسلك، ويبرك بهذا المبرك، فيلحذر ثم ليحذر، من أن يصير من الأخسرين أعمالا،{الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}(5).
ولولا خوف هلاك الهالكين، وضلالة السالكين، لكان ترك الكلام معهم أحرى، والسكوت عن لغوياتهم وهزلياتهم أولى.
Page 73