وقد كان جمع من الإخوان والخلان ينصحون لي بترك هذه المباحثة والمدافعة، قائلين فيها: تضييع أوقاتك النفيسة، ولمحاتك النظيفة، وأنت أجل من أن تصرفها إلى رد مثل ((التبصرة))، وتشتغل بدفع ما ليس فيه إلا المكر والفخر، والظلم والشتم، والتعدي والتردي(1)، والهزل والعذل، والنباح والصياح، والرفث والفرث، والوبال والضلال، والعتاب والتباب، والنجش والنحش، والفساد والعناد، واللجاج والأجاج، والنعيق والنهيق، والأذى والقذى، والسفاهة والعداوة، والغبار والعثار(2)، واللغط والشطط، واللغو والحشو، والطغيان والعدوان، والسقوط والهبوط، والخدع، والردع، والزيغ واللدغ، والاعتداء والافتراء، والتعشيش والتنفيش.
لا فيها مباحث حكمية، ولا مسائل علمية، ولا فوائد مفيدة، ولا فوائد مجيدة، ولا تقريرات سديدة، كتقريرات العلماء، ولا تحريرات مجيدة، كتحريرات العقلاء، ولا التهذيب ك((تهذيب الرجال))(3)، ولا التذهيب ك((تذهيب الكمال))(4)، فمثل هذا الذي هو أوهن من نسج العنكبوت، جوابه السكوت، وعتابه الصموت، وخطابه الخفوت.
Page 45