إن الاشتغال بالسب والشتم ليس إلا من شأن من هذه أوصافه، وهذه ألقابه، وهذه أسماؤه، وهذه آدابه، لا من شأن أهل العلم والحلم، لا سيما ممن ورث هاتين الصفتين، كابرا عن كابر، وحرث(1)في المزرعة حرث الآخرة في النشأتين، حائزا المفاخر عن الأكابر.
ولقد دعتني للخلاف عشيرتي
فعددت قولهم من الإضلال
إني امرؤ مني الوفاء سجية
وفعال كل مهذب مفضال
وإني لألقى المرء أعلم أنه عدوي
وفي أحشائه الضغن(2) كامن
فامنحه بشرى فيرجع قلبه
سليما وقد ماتت لديه الضغائن
وأتيت فيها من الموارد العملية، والمصادر الفهمية، ما يتنبه به كل طالب ومبتدي، ويتنوه(3) به كل جالب ومنتهي، ويهتدي بها كل معتدي، ويغتذي بها كل مغتذي، ويستلذه كل أحوذي، ويستعزه كل مشرقي ومغربي.
وخاطبت في جملة المباحث بالسيد المنصور، لا الناصر المقهور؛ لأنه ارتدى برداء الخفاء، واعتدى بذراع الجفاء، وارتضى بأن ينادى بالجنين في بطون نساء المؤمنين، واقتدى بشأن المختفين، فناسب أن لا يخاطب هذا الرجل الأجنبي المخفي، بل منصوره القرشي.
ونبهته غير مرة على مكائد ناصره ومفاسده الواهية بالمرة، بعبارات حسنة عذبة غير مرة، تنفع المبتلي بفساد الأخلاط لاسيما السوداء والمرة(4)، شفقة عليه وعلى سائر المسلمين، حفظهم الله عن كل مكر وغدر في الدين.
Page 44